كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 9)
خالد فى أصحابه وقاتلهم، فقتل منهم أربعة وعشرين رجلًا، ولمّا فتح رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، مكّة بعثَ خالدَ بن الوليد إلى العُزّى فهدمها ثمّ رجع إلى رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، وهو مُقيم بمكّة، فبعثه إلى بنى جذيمة وهم من بنى كنانة، وكانوا أسفل مكّة على ليلة بموضع يقال له الغُميصاء، فخرج إليهم فأوقع بهم. ولمّا ارتدّت العرب بعد وفاة رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، بعث أبو بكر، رضى الله عنه، خالد بن الوليد يستعرضهم ويدعوهم إلى الإسلام فخرج فأوقع بأهل الردّة.
أخبرنا أبو معاوية الضّرير قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: كانت فى بنى سُليم رِدّة فبعث أبو بكر، رضى الله عنه، خالد بن الوليد فجمع منهم رجالًا فى حظائر ثمّ أحرقهم بالنّار، فجاء عُمَرُ إلى أبى بكر، رضى الله عنه، فقال: انْزِعْ رجلًا عذّب بعذاب الله، فقال أبو بكر: لا والله لا أشيمُ (¬١) سَيفًا سَلّهُ الله على الكفّار حتّى يكون هو الذى يشيمه، ثمّ أمره فمضى لوجهه من وجهه ذلك إلى مُسيلمة (¬٢).
أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا شيبان بن عبد الرّحمن عن جابر عن عامر عن البراء بن عازب قال: وحدّثنا طلحة بن محمّد بن سعيد عن أبيه عن سعيد بن المسيّب قالا: كتب أبو بكر الصّدّيق، رضى الله عنه، إلى خالد بن الوليد حين فرغ من أهل اليمامة يسير إلى العراق، فخرج خالد من اليمامة فسار حتّى أتى الحيرة فنزل بخفّان، والمرزبان بالحيرة مَلِكٌ كان لكسرى ملّكَه حين مات النعمان بن المنذر، فتلقّاه بنو قبيصة وبنو ثعلبة وعبد المسيح بن حيّان بن بُقَيْلَة فصالحوه عن الحيرة وأعطوا الجزية مائة ألف على أن يتنحّى إلى السّواد، ففعل وصالحهم وكتب لهم كتابًا، فكانتْ أوّل جزية فى الإسلام، ثم سار خالد إلى عين التمر فدعاهم إلى الإسلام فأبوا فقاتلهم قتالًا شديدًا فظفّره الله بهم وقتل وسبى وبعث بالسبى إلى أبى بكر الصدّيق، رحمه الله.
ثمّ نزل بأهل أُلَّيْسَ قرية أسفل الفرات فصالحهم، وكان الذى ولى صُلْحَه
---------------
(¬١) لا أشيم: لا أعمد.
(¬٢) مختصر ابن منظور ج ٨ ص ١٥.
الصفحة 400
550