يَرُدَّهُنَّ إذا امتُحِنَّ بمِحْنَة الإسلام، وزعمت أنّها جاءت راغبة فيه، وأمره أن يَرُدَّ صَدُقَاتِهنّ إليهم (¬١) إذا احتَبَسْن (¬٢) عنهم وأن يردّوا عليهم (¬٣) مثل الذي يردّون عليهم إن فعلوا. فقال: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} [وهاجرتْ إلى رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، أم كلثوم بنت عُقْبة بن أبي مُعَيط في تلك المدة] (¬٤) وصبحها أخواها (عمارة والوليد ابنا عقبة) (٤) من الغد فطباها. فأَبَى رسولُ الله، -صلى الله عليه وسلم-، أن يَرُدَّها إليهما، فرجعا إلى مكة فأخبرا قريشًا. فلم يبعثوا في ذلك أحدًا وَرَضُوا بأن تُحْبَسَ النساءُ. {وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [سورة الممتحنة: ١٠ و ١١] فإن فات أحدًا منهم أهله إلى الكفّار، فإن أتتكم امرأة منهم فأصبتم غنيمة أو فيئًا فعوّضوهم ممّا أصبتم صَدَاقَ المرأة التي أَتَتْكم، فأمّا المؤمنون فأقرّوا بحكم الله تعالى. وأبَى المشركون أن يقرّوا بذلك، وأنّ ما فات للمشركين على المسلمين من صَدَاق مَنَ هَاجر من أزواج المشركين {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} من مال المشركين في أيديكم، ولسنا نعلم امرأة من المسلمين فاتت زَوْجَها بلحوق المشركين بعد إيمانها، ولكنّه حُكْم حَكَم الله تعالى به لأمر إن كان، والله عليم حكيم. {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} يعني من غير أهل الكتاب. فطلق عمر بن الخطّاب مُليكة بنت أبي أُميّة وهى أمّ عبيد الله بن عمر، فتزوجّها معاوية بن أبي سفيان، وطلّق عمر يضًا بنت جَرْول الخُزاعيّةِ
---------------
(¬١) أى إلى رجالهم. ج ٤ ص ١٩٥٤
(¬٢) ل "احتبسوا" والمثبت لدى الواقدي.
(¬٣) ل "عليه" والمثبت لدى الواقدي.
(¬٤) ما بين حاصرتين عن ابن هشام ج ٣ ص ٣٢٥ والخبر بسنده وابن عبد البر في الاستيعاب ج ٤ ص ١٩٥٤ للتوضيح. والخبر بسنده ونصه لدى الواقدي في المغازي ج ٢ ص ٦٣١ ولكنه سُبق بقصة طويلة فيها حديث عن هجرة أم كلثوم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة وما دار من حوار بينها وبين أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم ما دار من الحديث بينها وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا وساق ابن سعد هنا عن الواقدي الخبر الذي يتناول عروة بن الزبير في سؤاله عن قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} دون ذكر للخبر الذي أورده الواقدي في المغازي قبل هذا الخبر والذى يتناول هجرة أم كلثوم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من مكة إلى المدينة.