كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 10)

عَمْرو بن الرَّبِيع وبعثت معه زينب بنت رسول الله. وهى يومئذٍ بمكّة. بقِلَادَة لها كانت لخديجة بنت خُوَيْلِد من جَزْعِ ظَفار (¬١). وظفار جبل باليمن. وكانت خديجة بنت خُوَيْلِد أدخلتها بتلك القِلَادة على أبي العاص بن الربيع حين بَنَى بها. فبعثت بها في فداء زوجها أبِي العاص. فلمّا رأى رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، القلادة عرفها وَرَقَّ لها، وذكر خديجة وترحَّم عليها وقال: إنْ رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا إليها متاعها فعلتم. قالوا: نعم يا رسول الله. فأطلقوا أبا العاص بن الربيع وردّوا على زينب قِلَادَتها وأخذ النبيّ، -صلى الله عليه وسلم-، على أبي العاص أن يُخلّى سبيلها إليه فوعده ذلك ففعل (¬٢).
قال محمد بن عمر: وهذا أثبت عندنا من رواية من روى أنّ زينب هاجرت مع أبيها، -صلى الله عليه وسلم-.
أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن معروف بن الخَرَّبُوذ المكّي قال: خرج أبو العاص بن الربيع في بعض أسفاره إلى الشأم فذكر امرأته زينب بنت رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، فأنشأ يقول (¬٣):
ذَكَرْتُ زينبَ لمّا ورّكتْ إرما ... فقلتُ سَقْيًا لشخصٍ يسكن الحَرَما
بنت الأمين جَزَاها اللهُ صالحة ... وكلّ بَعل سيثنى بالذى عَلِمَا
قال محمد بن عمر: وكان رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، يقول: ما ذممْنا صِهْر أبي العاص.
أخبرنا يعلى بن عبيد الطَّنافِسِيّ، حدّثنا محمّد بن إسحاق عن يزيد بن رُومَان قال: صلّي رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، بالناس الصبح، فلمّا قام في الصّلاة نادت زينب بنت رسول الله: إني قد أجَرت أبا العاص بن الربيع. فلمّا انصرف رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، قال: هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم. قال: أما والذى نَفْسُ محمد بيده ما علمت بشئ ممّا كان حتى سمعت منه الذي سمعتم، إنّه يجير على الناس أدناهم (¬٤).
---------------
(¬١) ظفار: من قرب صنعاء، إليه ينسب الجزع.
(¬٢) الواقدي في المغازي ج ١ ص ١٣٠ - ١٣١.
(¬٣) معجم الشعراء للمرزباني ص ٢١٣.
(¬٤) الإصابة ٧ ص ٦٦٥.

الصفحة 32