كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 1)

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْخُلَعِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّحَّاسِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَرْدِ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، ثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ [1] قَالَ: كَانَتِ الأَحْبَارُ وَالرُّهْبَانُ وَكُهَّانُ الْعَرَبِ قَدْ تَحَدَّثُوا بَأَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَبْعَثِهِ لَمَّا تَقَارَبَ مِنْ زَمَانِهِ، أَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَعَمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ، وَمَا كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ مِنْ شَأْنِهِ، وَأَمَّا الْكُهَّانُ فَأَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ بِمَا اسْتَرَقَتْ مِنَ السَّمْعِ، وَأَنَّهَا قَدْ حُجِبَتْ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَرُمِيَتْ بِالشُّهُبِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً 72: 9 [2] فَلَمَّا سَمِعَتِ الْجِنُّ الْقُرْآنَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَتْ أَنَّهَا مُنِعَتْ مِنَ السَّمْعِ قَبْلَ ذَلِكَ، لِئَلا يُشْكَلَ الْوَحِيُ بِشَيْءٍ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ فَيَلْتَبِسَ الْأَمْرُ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَوَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ.
وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ فَزِعَ لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ ثَقِيفٌ، فَجَاءُوا إِلَى عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ [3] وَكَانَ أَدْهَى الْعَرَبِ، فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا حَدَثَ؟
قَالَ: بَلَى، فَانْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمُ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَتُعْرَفُ بِهَا الْأَنْوَاءُ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، فَهِيَ وَاللَّهِ طَيُّ الدُّنْيَا وَهَلَاكُ أَهْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غَيْرَهَا، وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى حَالِهَا، فَهَذَا أَمْرٌ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ هَذَا الْخَلْقَ فَمَا هُوَ [4] .
قُلْتُ: رَوَى حَدِيثَ يَعْقُوبَ بِنَحْوِهِ حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، لَكِنْ قَالَ:
فَأَتَوْا عَبْدَ يَا لَيْلُ بن عمرو الثّقفي، وكان قد عمي [5] .
__________
[1] السير والمغازي 111، 112، سيرة ابن هشام 1/ 234، 235، عيون الأثر 1/ 54، 55.
[2] سورة الجنّ- الآية 9.
[3] هو أحد بني علاج، كما في سيرة ابن هشام.
[4] سيرة ابن هشام 1/ 236، السير والمغازي 113 وفيه: «فانظر ما هي» .
[5] سيرة ابن كثير 1/ 417 وعيون الأثر 1/ 55.

الصفحة 121