كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 1)
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي «مَغَازِيهِ» : كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا أَوَّلَ مَا رَأَى أَنَّ اللَّهَ أَرَاهُ رُؤْيَا فِي الْمَنَامِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَهَا لِخَدِيجَةَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ وَشَرَحَ صَدْرَهَا بِالتَّصْدِيقِ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ، ثُمَّ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ رَأَى بَطْنَهُ شُقَّ ثُمَّ طُهِّرَ وَغُسِّلَ ثُمَّ أُعِيدَ كَمَا كَانَ، قَالَتْ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ فَأَبْشِرْ، ثُمَّ اسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيلُ وهو بأعلى مكة، فأجلسه في مجلس كَرِيمٍ مُعْجِبٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَجْلَسَنِي عَلَى بِسَاطٍ كَهَيْئَةِ الدُّرْنَوَكِ [1] فِيهِ الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ، فَبَشَّرَهُ بِرِسَالَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى اطْمَأَنَّ. الَّذِي فِيهَا مِنْ شَقِّ بَطْنِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَهَا بِمَا تَمَّ لَهُ فِي صِغَرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شُقَّ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ شُقَّ مَرَّةً ثَالِثَةً حِينَ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَنْشَدَ وَرَقَةُ:
إِنْ [2] يَكُ حَقًّا يَا خَدِيجَةُ فَاعْلَمِي ... حَدِيثُكِ إِيَّانَا فَأَحْمَدُ مُرْسَلُ
وَجِبْرِيلُ يَأْتِيهِ وَمِيكَالُ مَعَهُمَا ... مِنَ اللَّهِ وَحْيٌ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُنْزَلُ
يَفُوزُ بِهِ مَنْ فَازَ فِيهَا بِتَوْبَةٍ ... وَيَشْقَى بِهِ الْعَانِي الْغَوِيُّ الْمُضَلَّلُ
فَسُبْحَانَ مَنْ تَهْوِي الرِّيَاحُ بِأَمْرِهِ ... وَمَنْ هُوَ فِي الْأَيَّامِ مَا شَاءَ يَفْعَلُ
وَمَنْ عَرْشُهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا ... وَأَقْضَاؤُهُ فِي خَلْقِهِ لا تبدّل [3]
__________
[1] ستر له خمل. (النهاية) .
[2] في البيت خرم.
[3] في نسخة دار الكتب، والمنتقى لابن الملا، وفي (ع) .
ومن حكمه في خلقه لا يبدّل.
وفي دلائل النبوة للبيهقي 1/ 404.
ومن أحكامه في خلقه لا تبدّل.
والأبيات في السير والمغازي لابن إسحاق 123 مع زيادة عمّا هنا، وانظر سيرة ابن كثير 1/ 400.
الصفحة 133