كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)
فَهَزَمَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ، وَمِنْ هذيل ثلاثة [93 ب] أَوْ أَرْبَعَةً، وَهُزِمُوا وَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةَ [1] ، حَتَّى دَخَلُوا الدُّورَ، وَارْتَفَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُ عَلَى الْجَبَلِ عَلَى الْخَنْدَمَةِ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِالسُّيُوفِ.
وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، وَنَادَى مُنَادٍ: مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُو آمِنٌ [2] . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلا بِذِي طُوًى، فَقَالَ: «كَيْفَ قَالَ حَسَّانٌ» ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: قَالَ:
عدمت بنيّتي [3] إن لم تروها ... تثير النّفع مِنْ كَتِفَيْ كُدَاءِ [4]
فَأَمَرَهُمْ فَأَدْخَلُوا الَخْيَل مِنْ حَيْثُ قَالَ حَسَّانٌ. فَأُدْخِلَتْ مِنْ ذِي طُوًى مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ. وَاسْتَحَرَّ الْقَتلُ بِبَنِي بَكْرٍ. فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مَكَّةَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ 90: 1- 2 [5] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أُحِلَّتِ الْحُرْمَةُ لأَحَدٍ قَبْلِي وَلا بَعْدِي، وَلا أُحِلَّتْ لِي إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ.
وَنَادَى أَبُو سُفْيَانَ بِمَكَّةَ: أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا [6] . وَكَفَّهُمُ اللَّهُ عَنْ عَبَّاسٍ.
فَأَقْبَلَتْ هِنْدٌ فَأَخَذَتْ بِلِحْيَةِ أَبِي سُفْيَانَ، ثُمَّ نَادَتْ: يَا آلَ غَالِبٍ اقْتُلُوا الشَّيْخَ الأَحْمَقَ. قَالَ: أَرْسِلِي لِحْيَتِي، فأقسم لئن أنت لم تسلمي ليضربنّ
__________
[1] الحزورة: بالفتح ثم السكون وفتح الواو والراء. وهو في اللغة: الرابية الصغيرة وجمعها حزاور. سوق مكة وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه. (معجم البلدان 2/ 255) .
[2] حتى هنا رواية عروة في المغازي 211.
[3] وفي رواية «ثنيّتي» ، والبيت من جملة أبيات ستأتي بعد قليل.
[4] كداء: (بالفتح والمد) بأعلى مكة عند المحصب، دار النبي صلّى الله عليه وسلّم، من ذي طوى إليها. وقيل هي العقبة الصغرى التي بأعلى مكة وهي التي تهبط منها إلى الأبطح والمقبرة منها عن يسارك، وأما العقبة الوسطى التي بأسفل مكة فهي كدي (بالضمّ والقصر) . وقد اختلف في ذلك، (انظر معجم البلدان 4/ 439- 441) .
[5] سورة البلد. الآيتان 1، 2.
[6] في الأصل: أسلموا أسلموا. وأثبتنا عبارة ع، ح. ومغازي عروة 211.
الصفحة 533