كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)

لأَرْجِعَنَّ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَرَجَعَ عِكْرِمَةُ مَعَ امْرَأَتِهِ، فدخل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبايعه، وقبل منه.
ودخل [94 أ] رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَلامَتْهُ وَعَيَّرَتْهُ بِالْفِرَارِ، فَقَالَ:
وَأَنْتِ لَوْ رَأَيْتِنَا بِالْخَنْدَمَهْ ... إِذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ
قَدْ لَحِقَتْهُمُ السُّيُوفُ الْمُسلِمَهْ ... يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ
لَمْ تَنْطِقِي فِي اللَّوْمِ أَدْنَى كَلِمَهْ [1]
وَكَانَ دُخُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ. وَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَفْوَانَ فِيمَا زَعَمُوا مِائَةَ دِرْعٍ وَأَدَاتِهَا، وَكَانَ أَكْثَرَ شَيْءٍ سِلاحًا.
وَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [2] : مَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي عَشَرَةِ آلافٍ. فَسَبَّعَتْ سُلَيْمٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَلَّفَتْ سُلَيْمٌ، وَأَلَّفَتْ مُزَيْنَةُ [3] . وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ.
وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ. قَالَ عبد الملك ابن هشام: لقيه بالجحفة [4] مهاجرا بعياله.
__________
[1] الخبر والشعر في المغازي لعروة 212 وانظر سيرة ابن هشام 4/ 92، وتاريخ الطبري 3/ 58، ونهاية الأرب 17/ 306، وعيون الأثر 2/ 173، وعيون التواريخ 1/ 300 والبداية والنهاية 4/ 297 وقال عروة: رواه الطبراني، وهو مرسل، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 174، 175، والحاكم في المستدرك 3/ 241، 242، والقاضي المكيّ الفاسي في شفاء الغرام 2/ 222.
[2] سيرة ابن هشام 4/ 106.
[3] سبّعت سليم، يعني كانوا سبعمائة، وألّفت: كانوا ألفا.
[4] الجحفة: قرية على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل، وهي أحد المواقيت وكانت تسمّى مهيعة، فاجتحفها السيل في بعض الأعوام فسمّيت الجحفة. (معجم البلدان 2/ 111) .

الصفحة 535