كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَخْفَى اللَّهُ تَعَالَى مَسِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ، حَتَّى نَزَلَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ.
وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: «لِمَ قَاتَلْتَ، وَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْقِتَالِ» ؟ قَالَ: هُمْ بَدَءُونَا بِالْقِتَالِ وَوَضَعُوا فِينَا السِّلَاحَ وَأَشْعَرُونَا بِالنَّبْلِ، وَقَدْ كَفَفْتُ يَدَيْ مَا اسْتَطَعْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ» [1] . ويقال: قَالَ أَبُو بَكْر يومئذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أراني فِي المنام وأراك دَنَوْنا من مكة، فخرجتْ إلينا كلْبةٌ تهرّ [2] . فلمّا دنونا منها استلْقَتْ عَلَى ظهرها، فإذا هِيَ تشخبُ لَبَنًا [3] . فقال: ذهبَ كلْبُهم وأقبل درُّهُم، وهم سائلوكم بأرحامكم وإنّكم لاقون بعضَهم، فإنْ لقيتم أَبَا سُفْيَان فلا تقتلوه» . فلقوا أَبَا سُفْيَان وحكيمًا بمرّ [الظَّهْران] [4] . وقال حسّان: [5]
عدِمْتُ بُنَيَّتي إنْ لم تروها ... تُثِير النقع موعِدُها كداء
ينازعن الأعنّة مصحبات ... يلطمهنّ بالخُمُرِ النّساءُ
فإنْ أعرضْتُم عنّا اعْتَمْرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاء
__________
[1] المغازي لعروة 121 وأورده البيهقي في السنن الكبرى 9/ 121 بإسناده عن ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة، وعن طريق موسى بن عقبة واللفظ له.
[2] هرّ الكلب إليه يهرّ، بالكسر، هريرا وهرّة، أي هرير الكلب، صوته. وهو دون نباحه من قلّة صبره على البرد. (تاج العروس 14/ 420) .
[3] شخبت اللّبن: حلبته.
[4] سقطت من الأصل، وأثبتناها من ع.
[5] ديوانه: ص 4- 10 باختلاف كبير في الألفاظ وانظر: عيون الأثر 2/ 181، 182، شفاء الغرام 2/ 221، سيرة ابن هشام 4/ 106، 107 البداية والنهاية 4/ 310 عيون التواريخ 1/ 310، 312.

الصفحة 542