كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ 110: 1 [1] قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:
«إِنِّي وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ، وَالنَّاسُ حَيِّزٌ، لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» . فَحَدَّثْتُ بِهِ مَرْوَانَ ابن الْحَكَمِ- وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ- فَقَالَ: كَذَبَتْ. وَعِنْدَهُ زيد بن ثابت، ورافع ابن خديج، وكانا [100 ب] مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ. فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَيْنِ لَوْ شَاءَا لَحَدَّثَاكَ، وَلَكِنَّ هَذَا، يَعْنِي زَيْدًا، يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، وَالْآخَرُ يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عَرَافَةِ قَوْمِهِ. قَالَ: فَشَدَّ عَلَيْهِ بِالدِّرَّةِ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ قَالَا:
صَدَقَ [2] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو قِلابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ حَيٌّ، أَلا تَلْقَاهُ فَتَسْمَعُ مِنْهُ؟ فَلَقِيتُ عَمْرًا فَحَدَّثَنِي بِالْحَدِيثِ، قَالَ: كُنَّا بِمَمَرِّ النَّاسِ، فَتَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا هَذَا الأَمْرُ؟ وَمَا لِلنَّاسِ؟
فَيَقُولُونَ: نَبِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَرْسَلَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا وَكَذَا. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ [3] بِإِسْلامِهَا الْفَتْحَ، وَيَقُولُونَ: أَنْظِرُوهُ، فَإِنْ ظَهَرَ فَهُوَ نَبِيٌّ فَصَدِّقُوهُ.
فَلَمَّا كَانَ وَقْعَةُ الْفَتْحِ، بَادَرَ [4] كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ. فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلامِ حِوَائِنَا [5] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدِمَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ جَاءَنَا فَتَلَقَّيْنَاهُ، فَقَالَ:
جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ حَقًّا، وَإِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِكَذَا، وَصَلاةِ كَذَا وَكَذَا. وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فليؤذّن أَحَدُكُمْ، وَلَيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فِي أَهْلِ حوائنا فلم يجدوا أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي فَقَدَّمُونِي، وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سنين، أو ستّ سنين.
__________
[ () ] (1638) باب ما جاء في الهجرة، وأحمد في المسند 1/ 226 و 316 و 355، و 3/ 22 و 401، و 5/ 187، و 6/ 466.
[1] أول سورة النصر.
[2] رواه أحمد في المسند 3/ 22 و 5/ 187.
[3] تلوّم: أصلها تتلوّم. وتلوّم في الأمر تمكّث وانتظر.
[4] في الأصل: بادى. والتصحيح من ح وصحيح البخاري.
[5] الحواء: جماعة البيوت المتدانية.

الصفحة 564