كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)
مَخْرَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ [1] أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ. فَقَالَ: «مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ. فَاخْتَارُوا إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ» . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهُمْ تِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ. فَلَمَّا تَبَيَّن لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: إِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ. فَمَنْ أَحَبَّ [مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ] [2] مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ» . فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ. فَقَالَ: «إِنَّا لا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ» . فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ [3] عُرَفَاؤُهُمْ. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ بِأَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. أَخْرَجَهُ خ [4] . وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الطَّائِفِ إِلَى الْجِعْرَانَةِ، وَبِهَا السَّبْيُ، وَقَدِمَتْ عَلَيْهِ وُفُودُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فِيهِمْ تِسْعَةٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَأسْلَمُوا وَبَايَعُوا. ثُمَّ كَلَّمُوهُ فِيمَنْ أُصِيبَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّ فِيمَنْ أَصَبْتُمُ الأُمَّهَاتِ وَالأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالاتِ، وَهُنَّ مَخَازِي [5] الأَقْوَامِ. وَنَرْغَبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رحيما جوادا كريما. فقال:
__________
[1] في الأصل: «يسألوه» . والتصحيح من صحيح البخاري.
[2] سقطت هذه الجملة من الأصل، ع وأثبتناها من (ح) .
[3] في الأصل: «وكلمهم» . والمثبت عن (ح) وصحيح البخاري.
[4] في كتاب فرض الخمس، باب ومن الدليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين إلخ.
(4/ 108- 109) . وكتاب المغازي، باب قول الله تعالى وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ 9: 25 (5/ 195- 196) . وأبو داود في كتاب الجهاد (2693) باب في فداء الأسير بالمال، وأحمد في المسند 4/ 327.
[5] في الأصل: «مجاري» . والمثبت من (ح) . وفي (ع) : «محارم» . وهي جيّدة.
الصفحة 605