كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)

حلّني [1] ، (117 أ] فَلَكَ اللَّهُ لأَفْتَحَنَّهَا لَكَ، إِنَّ أَخِي لا يَفْتَحُهَا مَا عَلِمَ أَنِّي فِي وَثَاقِكَ. فَأَطْلَقَهُ خَالِدٌ. فَلَمَّا دَخَلَ أَوْثَقَ أَخَاهُ وَفَتَحَهَا لِخَالِدٍ، ثم قال: اصنع ما شئت. فدخل خالد وأصحابه. ثم قال: يا خالد، إن شئت حكّمتك، وإن شِئْتَ حَكَّمْتَنِي. فَقَالَ خَالِدٌ: بَلْ نَقْبَلُ مِنْكَ مَا أَعْطَيْتَ. فَأَعْطَاهُمْ ثَمَانِمِائَةٍ مِنَ السَّبْيِ وَأَلْفَ بَعِيرٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْعٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ رُمْحٍ [2] .
وَأَقْبَلَ خَالِدٌ بِأُكَيْدِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ يُحَنَّةُ بْنُ رُؤْبَةَ عَظِيمُ أَيْلَةَ. فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأَشْفَقَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ كَمَا بعث إلى أكيدر.
فاجتمعا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَاضَاهُمَا عَلَى قَضِيَّتِهِ، عَلَى دُومَةَ وَعَلَى تَبُوكَ وَعَلَى أَيْلَةَ وَعَلَى تَيْمَاءَ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا. وَرَجَعَ قَافِلا إِلَى الْمَدِينَةِ [3] .
ثُمَّ ذَكَرَ عُرْوَةُ قِصَّةً فِي شَأْنِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ [4] هَمُّوا بِأَذِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى كَيْدِهِمْ. وَذَكَرَ بِنَاءَ مَسْجِدِ الضِّرَارِ [5] .
وقال ابن إِسْحَاق، عَنْ ثقةٍ من بني عَمْرو بْن عَوْفُ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبل من تبوك حين نزل بذِي أَوَان [6] ، بينه وبين المدينة ساعةٌ من نهار. وكان أصحاب مسجد الضِّرار قد أَتَوْهُ، وهو يتجهّز إلى تبوك، فقالوا: قد بَنَيْنا مسجدًا لذي العِلّة والحاجة واللَّيْلة المَطِيرَة، وإنّا نحبّ أنَّ تَأتِيَ فتُصَلِّيَ لنا فِيهِ. فقال: إنّي عَلَى جناح سَفَرٍ، فلَوْ رجعنا إنْ شاء اللَّه أَتَيْنَاكُم. فلمّا نزل
__________
[1] في ع: «خلّني» .
[2] انظر السيرة النبويّة لابن كثير 4/ 31 فهو مختصر عما هنا. وراجع المغازي للواقدي 3/ 1027 ففيه: «فصالحه على ألفي بعير» ، وكذا في طبقات ابن سعد 2/ 166.
[3] انظر المغازي للواقدي 3/ 1031 وسيرة ابن هشام 4/ 178.
[4] في نسختي: (ع) و (ح) : «جماعة منافقين» .
[5] المغازي لعروة 221 وليس في المطبوع عن بناء مسجد الضرار، وانظر السنن الكبرى للبيهقي 9/ 33.
[6] ذو أوان ويقال: ذات أوان. موضع بطريق الشام، (معجم البلدان 1/ 275) على ساعة من المدينة. (وفاء ألوفا 2/ 250) .

الصفحة 647