كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)
رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي أوان، أتاه خبرُ السّماء، فدعا مَالِكَ بْن الدّخشم ومعن ابن عَدِيّ فقال: انطلِقا إلى هذا المسجد الظَّالِمِ أَهْلُه فاهْدِمَاهُ وأَحْرِقَاه.
فخرجا سريعَيْن حتّى دخلاه وفيه أهله فحرّقاه وهدماه وتفرّقوا عَنْهُ. ونزل فِيهِ من القرآن ما نزل [1] . وَقَالَ أَبُو الْأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ [2] : ثَنَا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُودُ بِهِ، وَعَمَّارٌ يَسُوقُهُ، أَوْ قَالَ عَمَّارٌ يَقُودُهُ وَأَنَا أَسُوقُهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَقَبَةِ، فَإِذَا أَنَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا قَدِ اعْتَرَضُوهُ فِيهَا، فَأنْبَهْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَرَخَ بِهِمْ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [هل] [3] عَرَفْتُمُ الْقَوْمَ؟ قُلْنَا: لَا، قَدْ كَانُوا مُلَثَّمِينَ. قَالَ:
هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَرَادُوا أَنْ يَزْحَمُونِي فِي الْعَقَبَةِ لِأَقَعَ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَلَا تَبْعَثُ إِلَى عَشَائِرِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْكَ كُلُّ قَوْمٍ بِرَأْسِ صَاحِبِهِمْ؟ قَالَ: لَا، أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ الْعَرَبُ أَنَّ مُحَمَّدًا قَاتَلَ بِقَوْمٍ حَتَّى إِذَا أَظْهَرَهُ [اللَّهُ] [4] بِهِمْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ. ثُمَّ قَالَ: «اللَّهمّ ارْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ» .
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الدُّبَيْلَةُ؟ قَالَ: «شِهَابٌ مِنْ نَارٍ يَقَعُ عَلَى نِيَاطِ قَلْبِ أَحَدِهِمْ فَيَهْلِكُ» [5] . وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ عَنْ
__________
[1] سيرة ابن هشام 4/ 180، المغازي للواقدي 3/ 1045، 1046، الطبري 3/ 110.
[2] في الأصل «الخزاعي» ، وهو تصحيف، والتصويب من نسختي (ع) و (ح) ، ومن ترجمته في تهذيب التهذيب 6/ 362.
[3] ليست في أوصل، أضفتها من نسختي: (ع) و (ح) .
[4] ليست في الأصل، أضفتها من نسختي: (ع) و (ح) .
[5] أخرج مسلم نحوه في صفات المنافقين وأحكامهم (10/ 2779) قال غندر: أراه قال: «في أمّتي اثنا عشر منافقا لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها، حتى يلج الجمل في سمّ الخياط. ثمانية منهم تكفيكهم الدّبيلة. سراج من النار يظهر في أكتافهم. حتى ينجم من صدورهم» .
الصفحة 648