كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)

هُوَ العُطَارِدِيّ، يَقُولُ: لَمَّا بُعث النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمعنا بِهِ، لحِقنا بمسيلمة الكذّاب، لحقنا بالنار، وكنّا نعبد الحجَر فِي الجاهلية. وإذا لم نجد حجرا جمعنا حثية من ترابٍ ثمّ حَلَبْنا عليها [كُثْبَة] [1] اللَّبَن، ثمّ نطوف بِهِ.
وَقَالَ إسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنْ قيس بْن أَبِي حازم، قَالَ:
جَاءَ رجلٌ إِلَى ابْن مَسْعُود فَقَالَ: إنّي مررت ببعض مساجد بني حنيفة وهم يقرءون قراءةً ما أنزلها اللَّه: الطَّاحِنات طَحْنًا، والعاجنات عَجْنًا، والخابزات خَبْزًا، والثَّاردات ثَرْدًا، واللاقمات لَقْمًا. فأرسل إليهم عَبْد اللَّه فأتى بهم، وهم سبعون رجلًا ورَأسُهم عَبْد اللَّه بْن النَّوَّاحَة. قَالَ: فأمَر بِهِ عَبْد اللَّه فقُتل. ثمّ قَالَ: ما كنّا بمُحْرِزِين [2] الشَّيْطان من هَؤُلَاءِ، ولكنّا نَحْدُرهم إلى الشّأْم لعلّ اللَّه أنَّ يَكْفِيَنَاهُمْ.
وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَابْنُ أُثَالٍ رَسُولَيْنِ لِمُسَيْلَمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» فَقَالَ: نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ الله. فقال: «آمنت باللَّه ورسوله، وَلَوْ كُنْتُ قَاتِلا رَسُولا لَقَتَلْتُكُمَا» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الرُّسُلَ لا تُقتَلُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا ابْنُ أُثَالٍ فَقَدْ كَفَانَا اللَّهُ، وَأَمَّا ابْنُ النَّوَّاحَةِ فَلَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِي حَتَّى أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي «مُسْنَدِهِ» ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ. وَلَهُ شَاهِدٌ [3] .
قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ [4] حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ
__________
[1] سقطت من الأصل، وأثبتناها من ع، ح. والكثبة، القليل المجتمع من الماء أو اللبن.
[2] في الأصل: «بمحرور» . والتصحيح من ع، ح.
[3] منحة المعبود: كتاب الجهاد، باب جواز الخداع في الحرب والنهي عن المثلة إلخ (1/ 238) ورواه الدارميّ في التفسير (59) .
[4] الخبر في سيرة ابن هشام 4/ 220- 221، وتاريخ الطبري 3/ 146.

الصفحة 685