كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ حُذَيْفَةَ، قَالَ رَجُلٌ: كُنْتُ أَسْأَلُ عَنْ حَدِيثِ عَدِيٍّ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي لا أَسْأَلُهُ.
فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ. فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْصَى أَرْضِ الْعَرَبِ مِمَّا يَلِي الرُّومَ. ثُمَّ كَرِهْتُ مَكَانِي فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُهُ وَسَمِعْتُ مِنْهُ. فَأَتَيْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَاسْتَبْشَرُوا، أَيِ النَّاسَ، وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ. فَقَالَ: يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ. فَقُلْتُ:
إِنِّي عَلَى دِينٍ. قَالَ: «أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ، أَلَسْتَ رَكُوسِيًّا؟» [1] قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: «أَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَكَ؟» قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَلَسْتَ تَأْخُذُ الْمِرْبَاعَ؟» [2] قُلْتُ: بَلَى. قَالَ، «فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ فِي دِينِك» . قَالَ: فَوَجَدْتُ بِهَا عَلَيَّ غَضَاضَةً. ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَمْنَعَكَ أَنْ تُسْلِمَ أَنْ تَرَى بِمَنْ عِنْدَنَا خَصَاصَةً، وَتَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا وَاحِدًا. «هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟» [3] قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانَهَا. قَالَ: «فَإِنَّ الظَّعِينَةَ سَتَرْحَلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ» . قُلْتُ: كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟
قَالَ: «نَعَمْ، وَلَيَفِيضَنَّ الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ مَالَهُ منه صدقة» . قال:
[126 ب] فَلَقَدْ رَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْحَلُ مِنَ الْحِيرَةِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، وَكُنْتُ فِي أَوَّلِ خَيْلٍ أَغَارَتْ عَلَى الْمَدَائِنِ. وَاللَّهِ لَتَكُونَنَّ الثَّالِثَةَ، إِنَّهُ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [4] . وَرَوَى نَحْوَهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عن أبي عبيدة.
__________
[1] الرّكوسية: قوم لهم دين بين النصارى والصابئين.
[2] المرباع: هو أن يأخذ ربع الغنيمة لنفسه، وذلك فعل الرئيس المطاع.
[3] الحيرة: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف، زعموا أن بحر فارس كان يتصل به، وبها كان الخورنق بقرب منها مما يلي الشرق، والسّدير في وسط البرية التي بينها وبين الشأم (ياقوت) .
[4] أخرجه ابن حجر في الإصابة 2/ 468 رقم 5475، وأخرج البخاري نحوه في المناقب 4/ 175- 176، باب علامات النبوة في الإسلام، من طريق النضر، عن إسرائيل، عن سعد الطائي، عن محلّ بن خليفة، عن عديّ بن حاتم.

الصفحة 688