كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)

تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [1] ، وَمِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا.
وَفِي «الصَّحِيحِ» لِلْبُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضِ قَوْمِي. قَالَ: فَجِئْتُهُ وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْأَبْطَحِ. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: «أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ؟» قُلْتُ:
نَعَمْ. قَالَ: «كَيْفَ؟» قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلَالًا كَإِهْلَالِكَ. فَقَالَ: «أَسُقْتَ هَدْيًا؟» قُلْتُ: لَمْ أَسُقْ هَدْيًا. قَالَ: «فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَاسْعَ ثُمَّ حِلَّ» . فَفَعَلْتُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [2] . أما مُعاذ فالأَشْبَه أَنَّهُ لم يرجع من اليمن حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [3] :
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا، الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ يُفَقِّهُ أَهْلَهَا وَيُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ وَيَأْخُذُ صَدَقَاتِهِمْ، فَكَتَبَ له كتابا وعهدا وأمره فيه أمره:
__________
[1] أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير (4/ 26) باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه، وفي المغازي (5/ 107- 108) ، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجّة الوداع، وفي كتاب الأحكام (8/ 114) باب أمر الوالي إذا وجّه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا. ومسلم في كتاب الجهاد والسير (1733) باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير.
[2] أخرجه البخاري في المغازي (5/ 109) باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجّة الوداع، وبقيّته: «حتى مشطت لي امرأة من نساء بني قيس، ومكثنا بذلك حتى استخلف عمر» .
[3] الخبر في سيرة ابن هشام 4/ 218- 219، وبعضه في تاريخ الطبري 3/ 121.

الصفحة 692