كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 2)

حجَّةُ الودَاع [1]
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَذَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ بالحجّ، فاجتمع فِي الْمَدِينَةِ بَشَرٌ كَثِيرٌ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، أَوْ لِأَرْبَعٍ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ» [2] . وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَكِبَ الْقَصْوَاءَ [3] حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَنَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي، بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ. فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْحِيدِ [4] ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ.
وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ. وَلَسْنَا نَنْوِي إِلا الْحَجَّ، لسنا نعرف العمرة، حتى
__________
[1] المغازي لعروة 222، المغازي للواقدي 3/ 1088، سيرة ابن هشام 4/ 230، الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 172، تاريخ الطبري 3/ 148، تاريخ خليفة 94، نهاية الأرب 17/ 371، عيون الأثر 2/ 272، عيون التواريخ للكتبي 1/ 394.
[2] مرّ تخريج هذا الحديث قبل قليل وانظر: طبقات ابن سعد 8/ 283.
[3] القصواء: هي نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أبو عبيدة: القصواء المقطوعة الأذن عرضا.
[4] في صحيح مسلم: «لبّيك اللَّهمّ، لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك.
والملك لا شريك لك» . (ج 2/ 887) .

الصفحة 701