كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 3)

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي الْأَعْرَجُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي شَيْئًا مِمَّا تَرَكْتُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» [1] فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَبَّاسُ، وَكَانَتْ فِيهَا خُصُومَتُهُمَا، فَأَبَى عُمَرُ أن يقسمها بينهما حتى أعرض عنها عبّاس فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِيٌّ، ثُمَّ كَانَتْ عَلَى يَدَيِ الْحَسَنِ [2] ، ثُمَّ كَانَتْ بِيَدِ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ بِيَدِ عليّ ابن الْحُسَيْنِ وَالْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، كِلَاهُمَا يَتَدَاوَلَانِهَا، ثُمَّ بيد زيد، وهي صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا.
خَبَرُ الرِّدَّةِ
لَمَّا اشْتُهِرَتْ وَفَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّوَاحِي، ارْتَدَّتْ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ عَنِ الْإسْلَامِ وَمَنَعُوا الزَّكَاةَ، فَنَهَضَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِقِتَالِهِمْ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَغَيْرُهُ أَنْ يَفْتِرَ عَنْ قِتَالِهِمْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا أَوْ عِنَاقًا [3] كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، فَقَالَ عُمَرُ:
كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَمَنْ قَالَهَا عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَدَمَهُ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لأقاتلنّ من فرّق بين الصّلاة والزّكاة، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَقَدْ قَالَ: إِلَّا بحقها فقال عمر: فو الله مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ [4] ، فعن
__________
[ () ] (1757/ 49) باب حكم الفيء.
[1] رواه مسلم في الجهاد والسير (1760) باب قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «لا نورث ما تركنا صدقة» .
[2] في المنتقى لابن الملا «بيد الحسن» وهو الأصوب.
[3] بالفتح، وهي الأنثى من ولد المعز. (مختار الصحاح) .
[4] أخرجه البخاري في الاعتصام 8/ 140، 141 باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ومسلم في الإيمان (20) باب الأمر بقتال النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ محمد رسول الله، وأبو داود في الزكاة (1556) أول الباب، والترمذي في الإيمان (2733) أول الباب، والنسائي في الزكاة 5/ 14، 15 باب جامع الزكاة. والمطهّر المقدسي في البدء والتاريخ 5/ 153، والبلاذري في فتوح البلدان 1/ 113.

الصفحة 27