كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 3)

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبِيهَا شَهْرَانِ. وَهَذَا غَرِيبٌ [1] .
قُلْتُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ سِنَّهَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ بِنْتَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، كَانَ مَوْلِدُهَا وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْكَعْبَةَ، وَغَسَّلَهَا عَلِيٌّ. قَالَ قُتَيْبَةُ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَعْفَرٍ، وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ، أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: إِنِّي أَسْتَقْبِحُ مَا يُصْنَعُ بِالنِّسَاءِ: يُطْرَحُ على المرأة الثّوب فيصفها، فقالت: يا بنت رَسُولِ اللَّهِ أَلَا أُرِيَكِ شَيْئًا رَأَيْتُهُ بِالْحَبَشَةِ؟ فَدَعَتْ بُجَرَائِدَ رَطْبَةٍ فَحَنَّتْهَا ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْبًا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ، إِذَا مِتُّ فَغَسِّلِينِي أَنْتِ وَعَلِيٌّ، وَلَا يَدْخُلَنَّ عَلَيَّ أَحَدٌ. فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ جَاءَتْ عَائِشَةُ [2] تَدْخُلُ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: لَا تَدْخُلِي، فَشَكَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَ فَوَقَفَ عَلَى الْبَابِ فَكَلَّمَ أَسْمَاءَ فَقَالَتْ: هِيَ أَمَرَتْنِي، قَالَ: فَاصْنَعِي مَا أَمَرَتْكِ، ثُمَّ انْصَرَفَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ [3] : فَهِيَ أَوَّلُ مَنْ غَطَّى نَعْشَهَا فِي الْإِسْلَامِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ.
وَفَاةُ أُمِّ أَيْمَنَ
مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَاضِنَتِهِ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ، وَاسْمُهَا بَرَكَةُ، مِنْ كِبَارِ الْمُهَاجِرَاتِ، وَقَدْ زَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَكَتْ، فَقَالَ لَهَا أبو بكر: أتبكين! ما عند الله
__________
[1] رواه الحاكم في المستدرك 3/ 163.
[2] «عائشة» ساقطة من منتقى أحمد الثالث.
[3] في الاستيعاب 4/ 378، 379.

الصفحة 48