كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 3)

المُهَاجِرِينَ، قَالَ: وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَى خَشِيتُ الْاخْتِلَافَ، فَقُلْنَا: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَبَايَعَهُ الْأَنْصَارُ، وَنَزَوْا [1] عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا. فَقُلْتُ:
قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا، قال عمر: فو الله مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا أَمْرًا أَوْفَقَ مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ نَحْنُ فَارَقْنَا الْقَومَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةً أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بيعة، فإمّا بايعناهم على ما لا نرضى، وإمّا خالفناهم فيكون فساد. رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ [2] ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِطُولِهِ، فَزَادَ فِيهِ: قَالَ عُمَرُ: «فَلَا يَعْتَزِلِ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: إنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً فَتَمَّتْ، فَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُتَابَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً [3] أَنْ يُقْتَلَا» . مُتَّفَقٌ على صحّته [4] .
__________
[ () ] لكثرة حمله ولعزّه على أهله، فضرب به المثل في الرجل الشريف الّذي يعظّمه قومه.
[1] نزوا: وثبوا عليه ووطئوه.
[2] في نسخة دار الكتب (زيد) وهو وهم، على ما في الأصل و (ع) و (التاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 4/ 406) .
[3] حقّ البيعة أن تكون صادرة عن المشورة والاتّفاق، فإذا استبدّ رجلان دون الجماعة فبايع أحدهما الآخر، فذلك تظاهر منهما بشقّ العصا واطّراح الجماعة، فإن عقد لأحد بيعة فلا يكون المعقود له واحدا منهما، وليكونا معزولين من الطائفة التي تتّفق على تمييز الإمام منها، لأنّه إن عقد لواحد منهما وقد ارتكبا تلك الفعلة الشنيعة التي أحفظت الجماعة من التّهاون بهم والاستغناء عن رأيهم لم يؤمن أن يقتلا. كما في (النهاية لابن الأثير) وغيرها. وفي بعض النسخ: (يبايع) بدل (يتابع) .
[4] أخرجه البخاري بشرح السندي 2/ 290، 291 ولكن من غير طريق الزهري، وأحمد في المسند 1/ 55، 56 وكذلك ابن هشام في السيرة 4/ 261، 262، برواية ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكير، عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ، عَن عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، ورواه الطبري في تاريخه 3/ 205، 206 عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، والبلاذري في أنساب الأشراف 1/ 583 و 584، واليعقوبي في تاريخه 2/ 123، والمطهّر المقدسي في البدء والتاريخ 5/ 64- 66، والنويري في نهاية الأرب 19/ 29- 33، وابن كثير في البداية والنهاية 5/ 245، 246، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 67، 68، وابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ 1/ 485- 487، ومناقب عمر لابن الجوزي 51، 52.

الصفحة 8