كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 4)
تَقُلْ ذَاكَ، إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَكُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ [1] .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ [2] : قَالَ قَتَادَةُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ: سَمَّ الْحَسَنَ زَوْجَتُهُ بِنْتُ [3] الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كَانَ ذَلِكَ بِتَدْسِيسِ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهَا، وَبَذَلَ لَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ لَهَا ضَرَائِرَ.
قُلْتُ: هَذَا شَيْءٌ لَا يَصِحُّ فَمَنِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ؟
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ [4] . رُوِينَا مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ لَمَّا احْتَضَرَ قَالَ: يَا أَخِي إِيَّاكَ أَنْ تَسْتَشْرِفَ لِهَذَا الْأَمْرَ فَإِنَّ أَبَاكَ اسْتَشْرَفَ لِهَذَا الْأَمْرِ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ اسْتَشْرَفَ لَهَا فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَشُكَّ وَقْتَ الشُّورَى أنَّهَا لَا تَعْدُوهُ، فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بُويِعَ، ثُمَّ نُوزِعَ حَتَّى جَرَّدَ السَّيْفَ، فَمَا صَفَتْ لَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ فِينَا النُّبُوَّةَ وَالْخِلَافَةِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ مَا اسْتَخَفَّكَ سُفَهَاءُ الْكُوفَةِ فَأَخْرَجُوكَ، وَقَدْ كُنْتُ طَلَبْتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنْ أُدْفَنَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهَا حَيَاءً، فَإِذَا مَا مِتُّ فَاطْلُبْ ذَلِكَ إِلَيْهَا، وَمَا أَظُنُّ الْقَوْمَ إِلَّا سَيَمْنَعُونَكَ، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا تُرَاجِعَهُمْ. فَلَمَّا مَاتَ أَتَى الْحُسَيْنُ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ، فَمَنَعَهُمْ مَرْوَانُ، فَلَبِسَ الْحُسَيْنُ وَمَنْ مَعَهُ السِّلَاحَ حَتَّى رَدَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، ثُمَّ دُفِنَ فِي الْبَقِيعِ إِلَى جَنْبِ أُمِّهِ، وَشَهِدَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ الْأَمِيرُ، فَقَدَّمَهُ الْحُسَيْنُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ.
تُوُفِّيَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في ربيع الأولى سَنَةَ خَمْسِينَ، وَرَّخَهُ فِيهَا الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ الْعُصْفُرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَالْغُلَابِيُّ، وغيرهم.
__________
[1] سبق تخريج هذا الحديث في أول حوادث سنة 41 هـ.
[2] الاستيعاب 1/ 375.
[3] في نسخة القدسي 2/ 219 «سم الحسن وزوجته..» وهذا خطأ، ففي الاستيعاب: «سم الحسن بن علي، سمّته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي..» . (1/ 375) .
[4] الاستيعاب 1/ 376، 377.
الصفحة 40