كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 5)
وَجَاءَ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ أبي الجهم كانا في قصر العرصة، فَأَنْزَلَهُمَا مُسْلِمٌ بِالْأَمَانِ، ثُمَّ قَتَلَهُمَا، وَقَالَ لِمُحَمَّدٍ: أَنْتَ الْوَافِدُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ [1] ، فَوَصَلَكَ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَكَ، ثُمَّ تَشَهَّدَ عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ.
وَقِيلَ: بَلْ قَالَ لَهُ: تُبَايِعُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنَّكَ عَبْدٌ قَنٍّ، إِنْ شَاءَ أَعْتَقَكَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّكَ، قَالَ: بَلْ أُبَايِعُ عَلَى أَنِّي ابْنُ عَمِّ لَئِيمٍ، فَقَالَ:
اضْرِبُوا عُنُقَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ من حملة القرآن سبعمائة.
قلت: ولما فَعَلَ يَزِيدُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ، وَقُتِلَ الْحُسَيْنُ وَإِخْوَتُهُ وَآلُهُ، وَشَرِبَ يَزِيدُ الْخَمْرَ، وَارْتَكَبَ أَشْيَاءَ مُنْكَرَةً، بَغِضَهُ النَّاسُ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُبَارِكِ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو بِلَالِ مِرْدَاسِ بْنِ أُدَيَّةَ [2] الْحَنْظَلِيُّ.
قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زياد جيشا لحربه، فيهم عبد الله ابن رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَتَلَهُ أَبُو بِلَالٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أيَضًا عَبَّادَ بْنَ أَخْضَرَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَقَاتَلُوا أَبَا بِلَالٍ فِي سَوَادِ مَيْسَانَ، ثُمَّ قُتِلَ عَبَّادُ غِيلَةً.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيدٍ: خَرَجَ أَبُو بِلَالٍ أَحَدُ بَنِي رَبِيعَةَ بْنُ حَنَظْلَةَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا، لَمْ يَعْرِضْ لِلسَّبِيلِ، وَلَا سَأَلَ، حَتَّى نَفَذَ زَادُهُمْ وَنَفَقَاتُهُمْ، حَتَّى صَارُوا يَسْأَلُونَ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِقِتَالِهِمْ جَيْشًا، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِصْنٍ الثَّعْلَبِيُّ، فَهَزَمُوا أَصْحَابَهُ، ثُمَّ بَعَثَ عَلَيْهِمْ عَبَّادَ بْنُ أخضر، فقتلهم أجمعين [3] .
__________
[1] سيأتي في الجزء الخامس في ترجمة (يزيد بن معاوية) أن نَوْفَلِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ رَجُلٌ يَزِيدَ فَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: تَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عشرين سوطا.
[2] هذا ما في تاريخ الطبري 5/ 313، وفي الأصل «أذنه» .
[3] تاريخ خليفة 256.
الصفحة 30