كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 5)
يَوْمَئِذٍ الْفَرُّخَانُ [1] ، فَانْهَزَمَ الْفَرُّخَانُ وَالْمُشْرِكُونَ.
(وَفِيهَا) ظَهَرَتِ الخوارج الذين بمصر، ودعوا إلى عبد اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانُوا يَظُنُّونَهُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَلَحِقَ بِهِ خَلْقٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ، فَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مِصْرَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ [2] ، فَوَثَبُوا عَلَى سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ فَاعْتَزَلَهُمْ.
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ بَعْدَ هُرُوبِ ابْنِ زِيَادٍ اصْطَلَحُوا عَلَى عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ الْجُمَحِيِّ، فَأَقَرَّهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ [3] (وَفِيهَا) هَدَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ لَمَّا احْتَرَقَتْ، وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا- الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ-، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمَتْنُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، وَلَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ، بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ، وَقَالَ: «إِنَّ قُرَيْشًا قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ، فَتَرَكُوا مِنْ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ الْحِجْرَ، وَاقْتَصَرُوا عَلَى هَذَا» ، وَقَالَ: «إِنَّ قَوْمَكِ عَمِلُوا لَهَا بَابًا عَالِيًا، لِيُدْخِلُوا مَنْ أَرَادُوا، أَوْ يَمْنَعُوا مَنْ أَرَادُوا» [4] فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَبِيرًا، وَأَلْصَقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَوُلِّيَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَكَّةَ أَعَادَ الْبَيْتَ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، ونقض حائطه
__________
[ () ] المراتب العظيمة عند الفرس. (التنبيه والإشراف للمسعوديّ 91) .
[1] في تاريخ خليفة 261 «البرجان» .
[2] تاريخ الطبري 5/ 530 و 540.
[3] تاريخ الطبري 5/ 524
[4] أخرجه البخاري في العلم 1/ 198 1/ 198 و 199، باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشدّ منه، وفي الحج، باب فضل مكة وبنيانها، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى وَاتَّخَذَ الله إِبْراهِيمَ خَلِيلًا 4: 125، وفي تفسير سورة البقرة، باب قوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ من الْبَيْتِ 2: 127، وفي التمنّي، باب ما يجوز من اللّو.
وأخرجه مسلم في الحجّ (1333) باب نقض الكعبة وبنائها.
الصفحة 39