كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 5)

قَالَ: دَعْهُ لَعَلَّهُ يَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِي، فَلَا يُسَوِّغُهُ، فَيَقْتُلُهُ [1] .
مَرْوَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، ثُمّ قَالَ: رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الْأَوَّلِ.
قَالُوا: وَلَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَى يَزِيدَ فَأَوْصَاهُ وَقَالَ: انْظُرْ حُسَيْنَ ابْنَ فَاطِمَةَ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى النَّاسِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وارفق بِهِ، فَإِنَّ بِكَ مِنْهُ شَيْءٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكْفِيكَهُ اللَّهُ بِمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ وَخَذَلَ أَخَاهُ [2] .
وَلَمَّا بُويِعَ يَزِيدُ كَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ: أَنْ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، وَابْدَأْ بِوُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلْيَكُنْ أوَّلَ مَنْ تَبْدَأُ بِهِ الْحُسَيْنُ، وَارْفِقْ بِهِ، فَبَعَثَ الْوَلِيدُ فِي اللَّيْلِ إِلَى الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخْبَرَهُمَا بِوَفَاةِ مُعَاوِيَةَ، وَدَعَاهُمَا إِلَى الْبَيْعَةِ، فَقَالَا: نُصْبِحُ وَنَنْظُرُ فِيمَا يَصْنَعُ النَّاسُ، وَوَثَبَا فَخَرَجَا، وأَغْلَظَ الْوَلِيدُ لِلْحُسَيْنِ، فَشَتَمَهُ الْحُسَيْنُ وَأَخَذَ بِعِمَامَتِهِ فَنَزَعَهَا، فَقَالَ الْوَلِيدُ:
إِنْ هَجَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا، فَقِيلَ لِلْوَلِيدِ: اقْتُلْهُ، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَدَمٌ مَصُونٌ [3] .
وَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لِوَقْتِهِمَا إِلَى مَكَّةَ، وَنَزَلَ الْحُسَيْنُ بِمَكَّةَ دَارَ الْعَبَّاسِ. وَلَزِمَ عَبْدُ اللَّهِ الْحِجْرَ، فَلَبِسَ الْمَغَافِرَ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدُمَ الْعِرَاقَ وَيَقُولُ لَهُ: هُمْ شِيعَتُكُمْ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ [4] .
وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ: فِدَاكَ أَبِي وأمّي متّعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق، فو الله لَئِنْ قَتَلَكَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ ليتخذنا خَوَلًا أَوْ عَبِيدًا [5] .
وَقَدْ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بالأبواء، مُنْصَرِفِينَ مِنَ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُمَا ابْنُ عمر: أذكّركما الله إلّا رجعتما، فدخلتما
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 331.
[5] طبقات ابن سعد 5/ 145، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 331.

الصفحة 7