كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 6)

الْحَجَّاجِ مِرَارًا، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: عَلَيَّ بِالرُّمَاةِ، قَالَ: فَأَحَاطَ بِهِمُ الرُّمَاةُ، فَقَتَلُوا خَلْقًا مِنْهُمْ بِالنَّبْلِ، وَانْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ فِي طَائِفَةٍ، وَطَلَبَ سِجِسْتَانَ، فَأَتْبَعَهُمْ جَيْشُ الْحَجَّاجِ، عَلَيْهُمْ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ، فَالْتَقَوْا بِالسُّوسِ، فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً، ثُمَّ انْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ، فَأَتَى سَابُورَ، وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الأَكْرَادُ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ عُمَارَةُ، فَقُتِلَ عُمَارَةُ وَانْهَزَمَ عَسْكَرَهُ، ثُمَّ مَضَى ابْنُ الأَشْعَثِ إِلَى بُسْتَ، وَعَلَيْهَا عَامِلُهُ، فَأَنْزَلَهُ وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَوَثَبَ عَامِلُ بست عليه فأوثقه، وأراد أن يتّحد بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ يَدًا عِنْدَ الْحَجَّاجِ [1] .
وَقَدْ كَانَ رُتْبِيلُ سَمِعَ بِمَقْدِمِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَسَارَ فِي جُيُوشِهِ حَتَّى أَحَاطَ بِبُسْتَ، فَرَاسَلَ عَامِلَهَا يَقُولُ لَهُ: وَاللَّهِ لَئِنْ آذَيْتَ ابْنَ الأَشْعَثِ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْتَنْزِلَكَ، وَأَقْتُلَ جَمِيعَ مَنْ مَعَكَ، فَخَافَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ابْنَ الأَشْعَثِ، فَأَكْرَمَهُ رُتْبِيلُ، فَقَالَ ابْنُ الأَشْعَثُ: إِنَّ هَذَا كَانَ عَامِلِي فَغَدَرَ بِي وَفَعَلَ مَا رَأَيْتَ، فَأْذَنْ لِي فِي قَتْلِهِ، قَالَ: قَدْ أَمَّنْتُهُ، ثُمَّ مَضَى ابْنُ الأَشْعَثِ مَعَ رُتْبِيلَ إِلَى بِلادِهِ، فَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ.
وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ الأَشْرَافِ وَالْكِبَارِ، مِمَّنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانِ الْحَجَّاجِ، ثُمَّ تَبِعَ أَثَرَ ابْنِ الأَشْعَثِ خَلْقٌ مِنْ هَذِهِ الْبَابَةِ حَتَّى قَدِمُوا سِجِسْتَانَ، وَنَزَلُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْبَعَّارِ [2] ، فَحَصَرُوهُ، وَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ بِعَدَدِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمُ ابْنُ الأَشْعَثِ بِمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ غَلَبُوا عَلَى مَدِينَةِ سِجِسْتَانَ، وَعَذَّبُوا ابْنَ عَامِرٍ وَحَبَسُوهُ، ثُمَّ لَمْ يَشْعُرِ ابْنُ الأَشْعَثِ إِلا وَقَدْ فَارَقَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَسَارَ فِي أَلْفَيْنِ، فَغَضِبَ ابْنُ الأَشْعَثِ وَرَجَعَ إِلَى رُتْبِيلَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ [3] .
وَقِيلَ: سَارُوا مَعَ الْهَاشِمِيِّ فَقَاتَلَهُمْ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، فأسر منهم
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 369.
[2] في الأصل «النعار» ، والتحرير من تاريخ الطبري 6/ 370.
[3] تاريخ الطبري 6/ 370.

الصفحة 13