كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 6)

أَنْطَاكِيَةَ، ثُمَّ التقوا الرُّومَ [1] وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ [2] .
وَيُقَالُ إِنَّ فِيهَا شَرَعَ الْوَلِيدُ بِبِنَاءِ الْجَامِعِ [3] وَكَانَ نِصْفُهُ كَنِيسَةً لِلنَّصَارَى، وَعَلَى ذَلِكَ صَالَحَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ لِلنَّصَارَى: إِنَّا قَدْ أَخَذْنَا كَنِيسَةَ تُومَا عَنْوَةً، يَعْنِي كَنِيسَةَ مَرْيَمَ فأنا أهدمها، وكانت أكبر من النِّصْفِ الَّذِي لَهُمْ، فَرَضُوا بِإِبْقَاءِ كَنِيسَةِ مَرْيَمَ، وَأُعْطُوا النِّصْفَ وَكَتَبَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَالْمِحْرَابُ الْكَبِيرُ هو كان باب الكنيسة، ومات الوليد وهم بَعْدُ فِي زَخْرَفَةِ بِنَاءِ الْجَامِعِ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ الْحَجَّارِينَ وَالْمُرَخِّمِينَ مِنَ الأَقْطَارِ، حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا قِيلَ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ مُرَخِّمٍ، وَغَرِمَ عَلَيْهَا قَنَاطِيرَ عَدِيدَةً مِنَ الذَّهَبِ، فَقِيلَ إِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ بَلَغَتْ سِتَّةَ آلافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَذَلِكَ مِائَةُ قِنْطَارٍ وَأَرْبَعَةُ وَأَرْبَعُونَ قِنْطَارًا بِالْقِنْطَارِ الدِّمَشْقِيِّ.
وَفِيهَا أَمَرَ الْوَلِيدُ عَامِلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ عمر بن عبد العزيز ببناء مسجد النبي صلى الله عليه وآله سلّم، وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ مِنْ جِهَاتِهِ الأَرْبَعِ، وَأَنْ يُعْطِيَ النَّاسَ ثَمَنَ الزِّيَادَاتِ شَاءُوا أَوْ أَبُوا [4] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ مَنَازِلَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ هَدَمَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَزَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ بُيُوتًا بِاللَّبِنِ، وَلَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ مَطْرُورٌ بِالطِّينِ، عَدَدْتُ تِسْعَةَ أَبْيَاتٍ بِحُجَرِهَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سمع عطاء الخراسانيّ يقول:
__________
[1] انظر تاريخ الطبري 6/ 436 وفيه أن مسلمة فتح حصن قسطنطينة، وغزالة، وحصن الأخرم.
وانظر: الكامل في التاريخ 4/ 532.
[2] تاريخ خليفة 302، تاريخ الطبري 6/ 438 وفي مروج الذهب: الوليد بن عبد الملك وهو غلط، وفي تاريخ اليعقوبي 2/ 291 «عمر بن عبد العزيز» .
[3] انظر تعليقنا على هذا الموضوع في حوادث السنة الماضية.
[4] انظر تاريخ الطبري 6/ 435، والكامل في التاريخ 4/ 532، والعيون والحدائق 4.

الصفحة 31