كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 7)
مَا جَالَسْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ [1] . وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الأَعْوَرِ، يَأْتِينِي بِاللَّيْلِ فَيَسْأَلُنِي، وَيُفْتِي بِالنَّهَارِ، يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ [2] . وَرَوَى أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بِهْرَامَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا بَلَغَ مَبْلَغَ الشَّعْبِيِّ أَكْثَرَ مِنْهُ، يَقُولُ: لا أَدْرِي [3] .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا جَاءَهُ شَيْءٌ اتَّقَاهُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ وَيَقُولُ، وَكَانَ مُنْقَبِضًا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ مُنْبَسِطًا، إِلا فِي الْفَتْوَى [4] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: كَانَ الشَّعْبِيّ صَاحِبُ آثَارٍ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ صَاحِبُ قِيَاسٍ [5] . وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: مَا اجْتَمَعَ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ إِلا سَكَتَ إِبْرَاهِيمُ [6] . وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: سُئِلَ الشَّعْبِيّ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: أَبُو عَمْرٍو يَقُولُ فِيهِ كَذَا، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هَذَا فِي الْمَحْيَا، فَأَنْتَ فِي الْمَمَاتِ أَكْذَبُ عَلَيَّ! [7] .
قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِالشَّعْبِيِّ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَدْرِي يَا شَعْبِيُّ مَا كَتَبَ بِهِ مَلِكُ الرُّومِ؟ قُلْتُ: وَمَا كَتَبَ؟ قَالَ كَتَبَ: الْعَجَبُ لِأَهْلِ دِينِكَ كَيْفَ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا رَسُولَكَ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُ رَآنِي وَلَمْ يَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. رَوَاهَا الأَصْمَعِيُّ، وَفِيهَا: يَا شَعْبِيُّ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُغْرِينِي بِقَتْلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّومِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلا ذَلِكَ [8] .
جَابِرُ بْنُ نُوحٍ الْحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، عن الشّعبيّ قال: لما قدم
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 230، تاريخ دمشق 169.
[2] تاريخ دمشق 174، المعرفة والتاريخ 2/ 603.
[3] الطبقات الكبرى 6/ 250، تاريخ دمشق 175.
[4] تاريخ دمشق 177.
[5] تاريخ دمشق 177.
[6] تاريخ دمشق 177.
[7] تاريخ دمشق 179، وانظر: المعرفة والتاريخ 2/ 594.
[8] تاريخ بغداد 12/ 231، تاريخ دمشق 199، الكامل في الأدب 1/ 307.
الصفحة 127