كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 7)

من الأرض، فو الله لأَحْلِفَنَّ لَهُ بِكُلِّ مُمْكِنٍ [1] يَمِينٍ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيرُ، إِنَّ مِثْلِي لا يَخْفَى، قَالَ: فَأَنْتَ أَعْلَمُ، وَبَعَثَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى خَضْرَاءِ وَاسِطٍ فَقَيِّدُوهُ، ثُمَّ أَدْخِلُوهُ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ وَاسِطَ اسْتَقْبَلَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَرَ إِنِّي أَضِنُّ بِكَ عَلَى الْقَتْلِ، إِذَا دَخَلْتَ، فَقُلْ: كذا وكذا، فلما دخلت قَالَ: لا مَرْحَبًا وَلا أَهْلا، فَعَلْتُ بِكَ وَفَعَلْتُ، ثُمَّ خَرَجْتَ عَلَيَّ! وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ. قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، كُلُّ مَا قُلْتَهُ حَقٌّ، وَلَكِنَّا قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ وَتَحَلَّسْنَا [2] الْخَوْفَ، وَلَمْ نَكُنْ مَعَ ذَلِكَ بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، وَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي، وَاسْتَقْبَلْتَ بِي التَّوْبَةَ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ [3] .
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ الشَّعْبِيُّ عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ: هِيهْ يَا شَعْبِيُّ، فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا الْمَبْرَكَ [4] وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ، وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ، فَلَمْ نَكُنْ فِيمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، قَالَ: للَّه دَرُّكَ [5] . وَقَالَ جَهْمُ بْنُ وَاقِدٍ:
رَأَيْتُ الشَّعْبيَّ يَقْضِي فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ [6] . مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا بَكَيْتُ مِنْ زَمَانٍ إِلا بَكَيْتُ عَلَيْهِ [7] . مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَجُلا لَقِيَهُ وَامْرَأَةٌ، فقال: أيكما الشعبي، فقلت: هذه [8] . وقيل: كان الشعبي ضئيلا نحيفا، فقيل له في ذلك، فقال: زوحمت في الرحم، وكان توأما [9] .
مجالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: فَاخَرْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ فَغَلَبْتُهُمْ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ غَلَبْتُهُمْ، أَرْسَلَ غُلامًا لَهُ، فجاءه بكتاب فقال
__________
[1] ممكن: غير موجودة في تاريخ دمشق والسير.
[2] تحلّس، واستحلس الخوف بفلان، إذا لم يفارقه الخوف.
[3] راجع الخبر في تاريخ دمشق 208- 210، وبعضه في: المعرفة والتاريخ 2/ 598.
[4] في تاريخ دمشق والسير 4/ 306 «المنزل» .
[5] انظر حلية الأولياء 4/ 325، تاريخ دمشق 210 و 211، لسان العرب (مادة: حلس) .
[6] أخبار القضاة 2/ 413، تاريخ دمشق 218.
[7] حلية الأولياء 4/ 323، تاريخ دمشق 225.
[8] تاريخ دمشق 233 وهي من دعابات الشعبي.
[9] الطبقات الكبرى 6/ 247، أخبار القضاة 2/ 424.

الصفحة 129