كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 8)

مِنَ الْكُوفَةِ فَتَلاحَقَ بِهِ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعَ عَبْد الله بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز إِلَى قَصْرِ الإِمَارَةِ.
وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَ ظُهُورُ سَعِيدِ بْنِ بَحْدَلٍ الْخَارِجِيِّ بِنَوَاحِي الْمَوْصِلِ وَتَبِعَهُ خَلْقٌ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ وَاسْتُخْلِفَ عَلَى أَصْحَابِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْمَحْكَمِيُّ [1] فَغَلَبَ عَلَى تِكْرِيتَ ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ فَعَسْكَرَ بِدِيرِ الثَّعَالِبِ [2] فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلاثَةِ آلافٍ فَالْتَقَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَانَ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ ثُمَّ انْكَسَرَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَحَيَّزَ إِلَى وَاسِطَ، وَمَلَكَ الضَّحَّاكُ الْكُوفَةَ وَقَوِيَ أَمْرُهُ ثُمَّ عَبَّأَ جُيُوشَهُ فِي رَمَضَانَ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى وَاسِطَ فَحَارَبَهُ عَبْدُ اللَّهُ بن عمر، وكان منصور ابن جُمْهُورٍ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ وَالشُّجْعَانِ الْمَعْدُودِينَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَدَامَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقُتِلَ خَلْقٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ الضَّحَّاكُ الْمَحْكَمِيُّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلاطَفَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي طَاعَتِهِ وَيُقِرَّهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَأَعْطَاهُ عَبْدُ اللَّهِ ذلك ولابنه، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ الضُّبَعِيِّ وَكَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ ... وَصَلَّتْ قُرَيْشٌ خَلْفَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ [3]
ثُمَّ سَارَ الضَّحَّاكُ إِلَى الْمَوْصِلِ فَخَرَجَ لِحَرْبِهِ مُتَوَلِّيهَا [4] فَقُتِلَ، ثُمَّ اسْتَوْلَى الضَّحَّاكُ عَلَى الْمَوْصِلِ وَاتَّسَعَ سُلْطَانُهُ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الْخَوَارِجِ، فَكَتَبَ مروان ابن مُحَمَّدٍ الْخَلِيفَةُ- إِلَى وَلَدِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَالِي الجزيرة فأمره أن يعسكر بنصيبين [5]
__________
[1] في الأصل «المحلمي» ، والتصحيح من «اللباب 3/ 174» .
[2] دير مشهور بينه وبين بغداد ميلان أو أقل في كورة نهر عيسى على طريق صر صر. (ياقوت 2/ 502) .
[3] البيت في تاريخ خليفة 378 وتاريخ الموصل للأزدي 2/ 59.
[4] في الأصل «متوليا» .
[5] بالفتح ثم الكسر. مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادّة القوافل من الموصل الى الشام. (ياقوت 5/ 288) .

الصفحة 18