كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 9)
سُلَيْمَانَ، رَأَيْتُ عِنْدَهُ مَطَرًا الْوَرَّاقَ وَدَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدَ وَيُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ جُثَاةً عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَقُولُونَ: يَا أَبَا أَرْطَأَةَ مَا تَقُولُ فِي كَذَا، يَا أَبَا أَرْطَأَةَ مَا تَقُولُ فِي كَذَا.
قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ: مَا خَصَمْتُ قَطُّ وَلا جَلَسْتُ إِلَى قَوْمٍ يَخْتَصِمُونَ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَمِعَ حَجَّاجٌ مِنْ مَكْحُولٍ، وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: سَمِعْتُ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ يَقُولُ: لا تَتِمُّ مُرُوءَةَ الرَّجُلِ حَتَّى يَدَعَ الصَّلاةَ فِي جَمَاعَةٍ.
قُلْتُ: هَذِهِ كَلِمَةٌ مَقِيتَةٌ بَلْ لا تَتِمُّ مُرُوءَةُ الرَّجُلِ وَدِينُهُ حَتَّى يَلْزَمَ الصَّلاةَ فِي جَمَاعَةٍ. وَهَذَا قَالَهُ حَجَّاجٌ لِمَا فِي طِبَاعِهِ مِنَ البذخ والرئاسة فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ صَلاتَهُ فِي جَمَاعَةٍ وَمُزَاحَمَتِهِ لِلسُّوقَةِ فِي الصُّفُوفِ يُنَافِي مَا فِيهِ مِنَ التِّيهِ وَالتَّرَفِ فاللَّه يُسَامِحُهُ.
وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ الإِمَامِ فِي الْعِلْمِ، لَكِنْ رَفَعَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ بِالْوَرَعِ وَالْعِبَادَةِ وَلَمْ يَنَلْ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ تِلْكَ الرِّفْعَةُ فَرَحِمَهُمَا اللَّهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَذْكُرُ أَنَّ حَجَّاجًا لَمْ يَرَ الزُّهْرِيَّ، وَكَانَ سَيِّئَ الرَّأْيِ فِيهِ جدا ما رَأَيْتُهُ أَسْوَأَ رَأْيًا فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي حَجَّاجٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَلَيْثٍ وَهَمَّامٍ، لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعُهُ فِيهِمْ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ: قَالَ لِي حَجَّاجٌ لَمْ أَرَ الزُّهْرِيَّ لَكِنْ لَقِيتُ رَجُلا جَيِّدَ الأَخْذِ عَنْهُ فَأَخَذْتُ عَنْهُ.
وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَيُحْتَجُّ بِحَجَّاجٍ؟ قَالَ: لا، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: رَأَيْتُ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَسْوَدُ وَرِدَاءٌ أَسْوَدُ قَدْ خُضِّبَ بِالسَّوَادِ مُتَّكِئًا عَلَى مَرَافِقٍ حُمْرٍ، قَالَ يَزِيدُ: فَكَانَ يَقُولُ: أَبَعْدَ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ
الصفحة 102