كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 9)

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ إِبْرَاهِيمَ إِلَى بِاخَمْرَا فَعَسْكَرْنَا بِهَا، فَأَتَانَا لَيْلَةً، فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا نَطُوفُ فِي عَسْكَرِنَا، قَالَ: فَسَمِعَ أَصْوَاتِ طَنَابِيرَ [1] وَغِنَاءً، فَرَجَعَ، ثُمَّ أَتَانِي لَيْلَةً أُخْرَى، فَانْطَلَقْنَا فَسَمِعْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فَرَجَعَ وَقَالَ: مَا أَطْمَعُ فِي نَصْرِ عَسْكَرٍ فِيهِ مِثْلُ هَذَا [2] .
وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَحْصَى دِيوَانَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِائَةُ أَلْفِ مُقَاتِلٍ.
وَقَالَ آخَرُ: بَلْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ آلافٍ، وَهَذَا أشبه. وكان مع عيسى ابن مُوسَى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى طَلائِعِهِ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي ثَلاثَةِ آلافٍ.
وَأَمَّا إِبْرَاهِيمَ فَأَشَارُوا عَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَ غَيْرَ الدَّرْبِ، فَيَبْغَتَ الكوفة، فقال: بل أبيّت عِيسَى.
وَعَنْ هُرَيْمٍ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنَّكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ عَلَى الْمَنْصُورِ حَتَّى تَأْتِي الْكُوفَةَ، فَإِنْ صَارَتْ لَكَ بَعْدَ تَحَصُّنِهِ بِهَا، لَمْ تَقُمْ لَهُ بَعْدَهَا قَائِمَةٌ، وَإِلا فَدَعْنِي أَسِيرُ إِلَيْهَا فَأَدْعُو إِلَيْكَ سِرًّا، ثُمَّ أَجْهَرُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا دَاعِيًا أَجَابُوهُ، وَإِنْ سَمِعَ الْمَنْصُورُ هَيْعَةً بِأَرْجَاءِ الْكُوفَةِ طَارَ إِلَى حُلْوَانَ، فَقَالَ: لا نأمن أن تجيبك مِنْهُمْ طَائِفَةٌ فَتَطَأُ خَيْلُ الْمَنْصُورِ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ [3] ، فَتَكُونُ [4] قَدْ تَعَرَّضَتْ لِمَأْثَمٍ، فَقُلْتُ: خَرَجْتَ لِقِتَالِ مِثْلِ الْمَنْصُورِ، وَأَنْتَ تَتَوَقَّى قَتْلَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ! أَلَيْسَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَجِّهُ السَّرِيَّةَ فَتُقَاتِلُ، فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ نَحْوُ مَا كَرِهْتَ! فَقَالَ: أُولَئِكَ مُشْرِكُونَ، وهؤلاء أهل قبلتنا.
__________
[1] طنابير: مفردها طنبور، آلة موسيقية.
[2] الطبري 7/ 642.
[3] في نسخة القدسي 6/ 25 «تحيل» ، والتصحيح من الطبري 7/ 643.
[4] عند القدسي 6/ 25 «فنكون» والتصحيح من الطبري.

الصفحة 40