كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 10)

وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَالَسْتُ نَافِعَ بْنَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ الْفُقَهَاءِ الْعُبَّادِ [1] .
قُلْتُ: قَرَأَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ، وَمُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ الْهُذَلِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ رُومَانَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، وَأَخَذَ هَؤُلاءِ عَنْ أَصْحَابِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَزَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ «طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ» [2] . والّذي وضح لي أنّ هؤلاء الخمسة قرءوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي ربيعة المخزوميّ مقريء المدينة، وتلميذ أبيّ.
ويقال: إنهم قرءوا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقِيلَ: إِنَّ مُسْلِمَ بْنَ جُنْدُبٍ قَرَأَ عَلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَعَلِيِّ بْنِ عُمَرَ.
قَالَ الْهُذَلِيُّ فِي «كَامِلِهِ» [3] : كَانَ نَافِعٌ مُعَمَّرًا، أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَلَى النَّاسِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: نَافِعٌ إِمَامُ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قِرَاءَةُ نَافِعٍ سُنَّةٌ.
وَرَوَى الْمُسَيِّبِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ أَدْرَكَ عِدَّةً مِنَ التَّابِعِينَ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى ما اجتمع عليه اثنان منهم فَأَخَذْتُهُ، وَمَا شَذَّ فِيهِ وَاحِدٌ تَرَكْتُهُ، حَتَّى أَلَّفْتُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ.
وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ يُوجَدُ مَنْ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَلَ فِي فِيَّ.
قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَإِمَامُ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْمَدِينَةِ نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ.
قُلْتُ: رَأَسَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ شُيُوخِهِ الْخَمْسَةِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى
__________
[1] تهذيب الكمال 3/ 1404.
[2] معرفة القراء الكبار 1/ 107.
[3] هو «الكامل في القراءات الخمسين» . انظر عنه في (كشف الظنون 2/ 1381) .

الصفحة 485