كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 11)
وَعَنْ أَبِي يَسَارٍ مِسْمَعٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَابِعَةَ، فَقَالَتْ: جِئْتَنِي وَأَنَا أَطْبُخُ أَرُزًّا، فَآثَرْتُ حَدِيثَكَ عَلَى طَبِيخِ الأَرُزِّ. فَرَجَعْتُ إِلَى الْقِدْرِ وَقَدْ طُبِخَتْ.
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: حَدَّثَنِي عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَطَّارُ:
حَدَّثَتْنِي عَبْدَةُ بِنْتُ أَبِي شَوَّالٍ- وَكَانَتْ تَخْدُمُ رَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةِ- قَالَتْ: كَانَتْ رَابِعَةُ تُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، هَجَعَتْ هَجْعَةً حَتَّى يُسْفِرَ الْفَجْرُ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهَا تَقُولُ: يَا نَفْسُ كَمْ تنامين، وإلى كم تقومن. يُوشِكُ أَنْ تَنَامِي نَوْمَةً لا تَقُومِي فِيهَا إِلا لِيَوْمِ النُّشُورِ [1] .
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: قَالَتْ رَابِعَةُ:
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ قِلَّةِ صِدْقِي فِي قَوْلِي: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ [2] .
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْتُ مَعَ الثَّوْرِيِّ عَلَى رَابِعَةَ، فَقَالَ سُفْيَانُ:
وا حزناه، فقالت: لا تكذب قل: وا قلّة حُزْنَاهُ [3] .
وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَابِعَةَ أَنَا وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، فَأَخَذَ سَلامٌ فِي ذِكْرِ الدُّنْيَا، فَقَالَتْ: إِنَّمَا يُذْكَرُ شَيْءٌ هُوَ شَيْءٌ، فَأَمَّا شَيْءٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلا.
وَقَالَ شَيْبَانُ: ثَنَا رِيَاحٌ الْقَيْسِيُّ قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى شُمَيْطِ بْنِ عَجْلانَ أَنَا وَرَابِعَةُ، فَقَالَتْ مَرَّةً: تَعَالَ يَا غُلامُ. وَأَخَذَتْ بِيَدِي وَدَعَتِ اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا جَرَّةٌ خَضْرَاءُ مَمْلُوءَةٌ عَسَلا أَبْيَضَ. فَقَالَتْ كُلْ، فَهَذَا وَاللَّهِ لَمْ تَحْوِهِ بُطُونُ النَّحْلِ.
قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَقُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ بن الأَعْرَابِيُّ: أَمَّا رَابِعَةُ فَقَدْ حَمَلَ النَّاسُ عَنْهَا حِكْمَةً كَثِيرَةً، وَحَكَى عَنْهَا سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَغَيْرُهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلانِ مَا قِيلَ عَنْهَا. وقد تمثّلت بهذا البيت:
__________
[1] صفة الصفوة 4/ 29، 30، وفيات الأعيان 2/ 287.
[2] صفة الصفوة 4/ 28.
[3] صفة الصفوة 4/ 29، وفيات الأعيان 2/ 285.
الصفحة 118