كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 11)
الْقَضَاءَ، أَوْ أَنْ تُؤَدِّبَ وَلَدَيَّ وَتُحَدِّثَهُمْ، أَوْ أَنْ تَأْكُلَ عِنْدِي أَكْلَةً. فَفَكَّرَ سَاعَةً فَقَالَ: الأَكْلَةُ أَخَفُّ عَلِيَّ.
فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِعَمَلِ أَلْوَانٍ مِنَ الْمُخِّ الْمَعْقُودِ بِالسُّكَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَأَكَلَ.
فَقَالَ الطَّبَّاخُ: لَيْسَ يُفْلِحُ بَعْدَهَا.
قَالَ: فَحَدَّثَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَّمَهُمُ الْعِلْمَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ.
وَلَقَدْ كُتِبَ لَهُ بِرِزْقِهِ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ فَضَايَقَهُ فِي النَّقْدِ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَبِعْ بِهِ بَزًّا.
فَقَالَ شَرِيكٌ: بَلْ وَاللَّهِ، بِعْتُ بِهِ دِينِي.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ أَبَا تَوْبَةَ يَقُولُ: كُنَّا بِالرَّمْلَةِ فَقَالُوا:
مَنْ رَجُلُ الأُمَّةِ.
فَقَالَ قَوْمٌ: ابْنُ لَهِيعَةَ.
وَقَالَ قَوْمٌ: مَالِكٌ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: شَرِيكٌ [1] .
قَالَ مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ: قَالَ رَجُلٌ لِشَرِيكٍ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي شَاكِيًا غَيْرَ شَاكِي اللَّهَ [2] .
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ: قَالَ شَرِيكٌ لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ: أُكْرِهْتُ عَلَى الْقَضَاءِ.
قَالَ: أَفَأُكْرِهْتُ عَلَى أَخْذِ الرِّزْقِ [3] ؟
قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ شَرِيكٌ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ، فَخَرَجَ يَتَلَقَّى الْخَيْزُرَانَ، فَبَلَغَ شَاهِيَ [4] ، وَأَبْطَأَتْ، فَانْتَظَرَهَا ثَلاثًا، وَيَبُسَ خُبْزُهُ، فَجَعَلَ يَبُلُّهُ بِالْمَاءِ وَيَأْكُلُهُ. فَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ الْمِنْهَالِ:
فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَدْ قُلْتَ حقّا ... بأن قد أكرهوك على القضاء
__________
[1] الجرح والتعديل 4/ 366.
[2] التاريخ لابن معين برواية الدوري 2/ 251، 252، أخبار القضاء لوكيع 3/ 154.
[3] تاريخ بغداد 9/ 285.
[4] شاهي: قرية بقرب القادسيّة.
الصفحة 174