كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 11)

أهل الفسطاط أحدا.
وقد رأيته وأنا حديث، فَحَدَّثَنِي ابْنُهُ إِسْحَاقُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَبِي يَجْلِسُ فِي الْبَيْتِ عَلَى طِنْفِسَةٍ. مَا كَانَ يَجْلِسُ إِلا عَلَى حَصِيرٍ. وَكَانَ طَوِيلَ الْحُزْنِ. وَأَحْيَانًا تَطِيبُ نَفْسُهُ فَيَفْرَحُ، فَرُبَّمَا جَاءَ الرَّجُلُ يَسْأَلُهُ الْمَسْأَلَةَ فَيُعَلِّمَهُ وَيَرْجِعُ إِلَى حَالِهِ ويتغيّر، ويقول: ما لي وَلِهَذَا.
فَنَقُولُ لَهُ: أَفَتَصْرِفُهُ؟ فَيَقُولُ: أَوَ يَحِلُّ لِي، أَوَ يَحِلُّ لِي؟
وَرُبَّمَا جَاءَهُ الأَحْدَاثُ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْحَدِيثَ، فَيَقُولُ لَهُمْ: تَعَلَّمُوا الْوَرَعَ [1] .
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا مُحَلَّمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:
وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ 2: 184 [2] ، كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [3] ، وَمُسْلِمٌ [4] ، وَأَبُو داود [5] ، وَالتِّرْمِذِيُّ [6] ، وَالنَّسَائِيُّ [7] ، خَمْسَتُهُمْ عَنْ قُتَيْبَةَ، فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ.
مَاتَ بَكْرٌ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ ومائة [8] .
__________
[1] الخبر بنصّه في «سير أعلام النبلاء» 8/ 175.
[2] سورة البقرة، الآية 184.
[3] في تفسير سورة البقرة 8/ 136.
[4] في الصيام (1145) باب بيان قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ 2: 184.
[5] برقم (2315) .
[6] برقم (7978) .
[7] في الجزء 4/ 190.
[8] ورّخه البخاري، وابن حبّان، وغيرهما.

الصفحة 58