كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 12)
مَعَكَ، لَوِ اقْتَصَرْتَ بِهِ عَلَى الإِمْرَةِ دُونَ الْعِشْرَةِ. قَالَ: يَا أَبَهْ، لَيْسَ لِعَذَابِكَ، وَلَكِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تُقَدِّمَ الْفَضْلَ عَلَيْهِ [1] .
قَالَ ابْنُ جرير: حدّثني أحمد بن زهير، أظنّه عَنْ عَمِّهِ، زَاهِرِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّ سَبَبَ هَلاكِ الْبَرَامِكَةِ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ لا يَصْبِرُ عَنْ جَعْفَرٍ، وَعَنْ أُخْتِهِ عَبَّاسَةَ بِنْتِ الْمَهْدِيِّ. قَالَ وَكَانَ يُحْضِرُهَا مَجْلِسَ الشَّرَابِ، فَقَالَ: أُزَوِّجُكَهَا عَلَى أَنْ لا تَمَسَّهَا. فَكَانَا يَثْمُلانِ مِنَ الشَّرَابِ، وَهُمَا شَابَّانِ، وَيَقُومُ الرَّشِيدُ، فَوَثَبَ جَعْفَرٌ عَلَيْهَا، فَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلامًا، فَخَافَتِ الرَّشِيدَ، فَوَجَّهَتْ بِالطِّفْلِ مَعَ حَوَاضِنَ إِلَى مَكَّةَ وَاخْتَفَى الأَمْرُ. ثُمَّ ضَرَبَتْ جَارِيَةً لَهَا فَوَشَتْ بِهَا إِلَى الرَّشِيدِ، فَلَمَّا حَجَّ أَرْسَلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ الْحَوَاضِنُ، وَهَمَّ بِقَتْلِ الصَّبِيِّ، ثُمَّ تَأَثَّمَ مِنْ ذَلِكَ [2] .
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْحِيرَةِ وَنَاحِيَةِ الأَنْبَارِ أَرْسَلَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لانْسِلاخِ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَسْرُورٍ الْخَادِمِ وَمَعَهُ أَبُو عِصْمَةَ وَأَجْنَادٌ، فَأَحَاطُوا بِجَعْفَرٍ لَيْلا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَسْرُورٌ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ لَهْوِهِ، فَأَخْرَجَهُ بِعُنْفٍ وَقَيَّدَهُ بِقَيْدِ حِمَارٍ وَأَتَى بِهِ، فَأَعْلَمَ الرَّشِيدَ. فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَفَعَلَ [3] .
وَحَدَّثَ مَسْرُورٌ قَالَ: وَقَعَ عَلَى رِجْلَيَّ يُقَبِّلُهَا، وَقَالَ: دَعْنِي أَدْخُلُ فَأُوصِي، قُلْتُ: لا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَوْصِ بِمَا شِئْتَ. فَأَوْصَى وَأَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ، ثُمَّ ذَبَحْتُهُ بَعْدَ أَنْ رَاجَعْتُ الرشيد فيه، وأتيته برأسه [4] .
__________
[1] تاريخ الطبري 8/ 293.
[2] تاريخ الطبري 8/ 294، العيون والحدائق 3/ 307، مروج الذهب 3/ 384- 387، الفخري في الآداب السلطانية 209، خلاصة الذهب المسبوك 146، وفيات الأعيان 1/ 332، 333 و 344، البداية والنهاية 10/ 189.
[3] تاريخ الطبري 8/ 295، الإنباء في تاريخ الخلفاء 81- 83، مروج الذهب 3/ 387، 388، نشوار المحاضرة 7/ 74، 75، وفيات الأعيان 1/ 336، 337، البداية والنهاية 10/ 190، ومقاتل الطالبيين 494.
[4] تاريخ الطبري 8/ 295، العيون والحدائق 3/ 305، 306، الكامل في التاريخ 6/ 177، 178، الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 81- 83 (وفيه رواية مفصّلة) ، البدء والتاريخ 6/ 104، 105 (وفيه أن العباسة حملت من جعفر وولدت توأمين) ، نهاية الأرب 22/ 139، 140، الفخري 210، خلاصة الذهب المسبوك 147، وفيات الأعيان 1/ 338، 339، الوافي بالوفيات 11/ 161.
الصفحة 26