كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 12)

فَعَرَّفْتُهُ مَا كَانَ مِنْ قَوْلِي، فَاسْتَصْوَبَهُ وَأَمْضَاهُ.
قال إبراهيم بن المهديّ: فو الله مَا أَدْرِي أَيُّهُمْ أَعْجَبُ عَمَلا:
عَبْدُ الْمَلِكِ فِي شُرْبِهِ النَّبِيذَ، وَلِبَاسِهِ مَا لَيْسَ مِنْ لُبْسِهِ، وَكَانَ صَاحِبَ جِدٍّ وَوَقَارٍ.
أَوْ إِقْدَامُ جَعْفَرٍ بِمَا أَقْدَمَ بِهِ.
أَوْ إِمْضَاءُ الرَّشِيدِ لِمَا حَكَمَ جَعْفَرٌ بِهِ [1] .
[تَرْجَمَةُ جَعْفَرٍ عِنْدَ ابْنِ خَلِّكَانَ]
قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ [2] عَنِ الْبَرْمَكِيِّ: قَدْ بَلَغَ جَعْفَرٌ مِنْ عُلُوِّ الْمَرْتَبَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ. حَتَّى أَنَّ الرَّشِيدَ اتَّخَذَ ثَوْبًا لَهُ زِيقَانِ، فَكَانَ يَلْبَسُ هُوَ وَجَعْفَرٌ مَعًا [3] . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ صَبْرٌ [4] .
وَكَانَ الرَّشِيدُ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لأُخْتِهِ عَبَّاسَةَ، وَهِيَ أَعَزُّ النِّسَاءِ عَلَيْهِ، فَكَانَ مَتَى غَابَ أَحَدٌ مِنْهُمَا لا يَتِمُّ سُرُورُ الرَّشِيدِ فَقَالَ: إِنِّي لا صَبْرَ لِي عَنْكُمَا، وَإِنِّي سَأُزَوِّجُكها لِأَجْلِ النَّظَرِ فَقَطْ، فَاحْذَرْ أَنْ تَخْلُوَ بِهَا. فَزَوَّجَهُ بِهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ. ثُمَّ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ [5] .
وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ هَذَا التَّغَيُّرِ، فَقِيلَ إِنَّ عَبَّاسَةَ أَحَبَّتْ جَعْفَرًا وَرَاوَدَتْهُ فَخَافَ، وَأَعْيَتْهَا الْحِيلَةُ، فَبَعَثَتْ إِلَى أُمِّ جَعْفَرٍ: أَنِ ابْعَثِي بِي إلى ابنك كأنّني
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 330، 331، الفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 362- 365، المستجاد من فعلات الأجواد 153- 156، الكتّاب والوزراء للجهشياريّ، العقد الفريد 5/ 72، 73، نهاية الأرب 22/ 142، 143، شرح البسّامة بأطواق الحمامة 223- 226، الوافي بالوفيات 11/ 157، 158.
[2] وفيات الأعيان 1/ 332.
[3] قيل إنّ الرشيد أمر فخيط له قميص ذو جيبين يلبسه هو وجعفر لثقته به. (البدء والتاريخ 6/ 104) .
[4] وفيات الأعيان، الوافي بالوفيات 11/ 159
[5] قارن برواية الطبري الّتي تقدّمت قبل قليل (8/ 294) ، والعيون والحدائق 3/ 307، 308، ومروج الذهب 3/ 384- 387، والفخري 209، وخلاصة الذهب 146، والبداية والنهاية 10/ 189.

الصفحة 29