كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 12)

وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ جِنَايَةِ الْبَرَامِكَةِ، فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْهُمْ بَعْضُ مَا يُوجِبُ مَا عَمِلَ الرَّشِيدُ بِهِمْ، وَلَكِنْ طَالَتْ أَيَّامُهُمْ وَكُلُّ طَوِيلٍ مَمْلُولٌ [1] .
وَقِيلَ رُفِعَتْ وَرَقَةٌ إِلَى الرَّشِيدِ فِيهَا:
قُلْ لِأَمِينِ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ... وَمَنْ إِلَيْهِ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ
هَذَا ابْنُ يَحْيَى قَدْ غَدَا مَالِكًا ... مِثْلَكَ مَا بَيْنَكُمَا حَدُّ
أَمْرُكَ مَرْدُودٌ إِلَى أَمْرِهِ ... وَأَمْرُهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ
وَقَدْ بَنَى الدَّارَ الَّتِي مَا بَنَى ... الْفُرْسُ لَهَا مِثْلا وَلا الْهِنْدُ
الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ حَصْبَاؤُهَا ... وَتُرْبُهَا الْعَنْبَرُ وَالنَّدُّ
وَنَحْنُ نَخْشَى أَنَّهُ وَارِثٌ ... مُلْكَكَ إِنْ غَيَّبَكَ اللَّحْدُ
وَلَنْ يُضَاهِي [2] الْعَبْدُ أَرْبَابَهُ ... إِلا إِذَا مَا بَطِرَ الْعَبْدُ [3]
فَلَمَّا قَرَأَهَا أَثَّرَتْ فِيهِ،.
وَقِيلَ إِنَّ أُخْتَ الرَّشِيدِ قَالَتْ لَهُ: مَا رَأَيْتُ لَكَ سُرُورًا تَامًّا مُنْذُ قَتَلْتَ جَعْفَرًا، فَلِأَيِّ شَيْءٍ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ قَمِيصِي يَعْلَمُ السَّبَبَ لَمَزَّقْتُهُ [4] .
وَلَمْ يَزَلْ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ وَابْنُهُ الْفَضْلُ وَعِدَّةٌ مِنَ الْخَدَمِ مَحْبُوسِينَ وَحَالُهُمْ حَسَنٌ إِلَى أَنْ سَخِطَ الرَّشِيدُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ، فَعَمَّهُمْ بِسَخَطِهِ، وَجَدَّدَ لَهُمُ التُّهْمَةَ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ [5] . وَبَقِيَتْ جُثَّةُ جَعْفَرٍ مُعَلَّقَةً مُدَّةً، وَقُطِّعَتْ أَعْضَاؤُهُ وَعُلِّقَتْ بِأَمَاكِنَ. ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أنزلت وأحرقت [6] .
__________
[ (-) ] الأعيان 1/ 334، 335، مرآة الجنان 1/ 410، البداية والنهاية 10/ 189، الأغاني 18/ 237، 238، الوافي بالوفيات 11/ 159، 160.
[1] وفيات الأعيان 1/ 335، مرآة الجنان 1/ 410، الوافي بالوفيات 11/ 160
[2] هكذا في الأصل، وفي وفيات الأعيان «يباهي» .
[3] الأبيات في وفيات الأعيان 1/ 335، 336، ومرآة الجنان 1/ 411.
[4] وفيات الأعيان 1/ 336، نهاية الأرب 22/ 143 مرآة الجنان 1/ 411، الوافي بالوفيات 11/ 163، تاريخ اليعقوبي 2/ 422 وفيه قال الرشيد: «لو علمت يميني بالسبب الّذي له فعلت هذا لقطعتها» .
[5] تاريخ الطبري 8/ 297.
[6] قيل إنّ جعفر قطّع ثلاث قطع، وصلب على جسر بغداد، ولبغداد يومئذ ثلاثة جسور. (تاريخ اليعقوبي 2/ 421) ، وقيل إنّ السنديّ قطّع بدن جعفر قطعتين وصلبه على ثلاثة جسور مع

الصفحة 31