كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 16)

المعتصم فيلًا، وألبسه قِباءً من ديباج، وقَلَنْسُوَة سَمُّور [1] مثل الشَّرْبُوش [2] ، وخَضَبوا الفِيل بالحِنّاء، وطافوا به [3] .
[قطع أطراف بابَك وقتله]
ثمّ أمَر المعتصم بأربعته فقُطِّعَت، ثمّ قُطع رأسه وطِيف به بسامرّاء [4] .
وبعث بأخيه إلى بغداد، ففُعِل به نحو ذلك، واسمه عبد الله [5] . ويُقال إنّه كان أشجع من بابَك. فيقال إنّه قال لأخيه بابَك قُدّام الخليفة: يا بابَك قد عملتَ ما لم يعملْه أحد، فأصبِرْ صبرًا لم يصبرْه أحد.
فقال: سوف ترى صبري.
فلمّا قُطِعت يدُه مسح بالدَّم وجهه [6] ، فقالوا: لِمَ فعلتَ هذا؟
قال: قولوا للخليفة إنّك أمرتَ بقطع أربعتي وفي نفسك أنّك لا تكويهما وتدع دمي ينزف، فخشيت إذا خرج الدّم أن يصفرّ وجهي، فترون أنّ ذلك من جَزَع الموت. فغطّيت وجهي بالدم لهذا.
فقال المعتصم: لولا أنّ أفعاله لا تُوجِب الصَّنيعة والعَفْوَ لكان حقيقًا بالاستبقاء.
ثمّ ضُرِبت عُنُقه، وأُحْرِقت جُثّته، وفُعِل ذلك بأخيه، فما منهما من صاح.
__________
[1] سمّور: نسبة إلى السّمّور، وهو حيوان ثمين يستعمل فروه لتحلية الملابس الفاخرة. ويطلق عليه باللاتينية.SABLE
[2] الشربوش: وهو شيء يشبه التاج كأنه شكل مثلّث يجعل على الرأس بغير عمامة. وجمعها:
شرابش، وشرابيش. (معجم مفصّل في أسماء الألبسة عند العرب- رينهارت دوزي- طبعة مكتبة لبنان، بيروت المصوّرة عن طبعة أمستردام 1843- ص 220) .
[3] تاريخ الطبري 9/ 53، الفتوح لابن أعثم 8/ 353.
[4] تاريخ اليعقوبي 2/ 474، تاريخ الطبري 9/ 53، الفتوح لابن أعثم 8/ 346 و 353، العيون والحدائق 3/ 388، الكامل في التاريخ 6/ 478، مروج الذهب 4/ 57، 58.
[5] تاريخ اليعقوبي 2/ 474، 475، تاريخ الطبري 9/ 53، الفتوح لابن أعثم 8/ 346، العيون والحدائق 3/ 388، الكامل 6/ 478، مروج الذهب 4/ 58، تاريخ العظيمي 251، نهاية الأرب 22/ 249.
[6] البدء والتاريخ 6/ 118.

الصفحة 12