كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 19)

قلتُ: وعزَّتك لَا مددتها [1] .
وقال أَبُو بَكْر الحربيّ: سَمِعْتُ السّرِيّ يَقُولُ: حمدتُ اللَّه مرّةً، فأنا أستغفر اللَّه من ذلك الحمد منذ ثلَاثين سنة.
قِيلَ: وكيف ذاك؟
قَالَ: كَانَ لي دُكّان فِيهِ مَتَاع، فاحترق السُّوق، فلقيَني رَجُل فقال: أبشر، دُكّانُك سَلِمَتْ. فقلت: الحمد للَّه. ثمّ إني فكّرت فرأيتها خطيئة [2] .
وقيل: إنّ السري رَأَى جاريةً سقط مِن يدها إناءٌ فانكسر، فأخذ من دُكّانه إناءً، فأعطاها عِوَض المكسور. فرآه معروف فقال: بغض اللَّه إليك الدُّنيا.
قَالَ سَرِيّ: هذا الَّذِي أَنَا فِيهِ من بركات معروف [3] .
وقال الْجُنَيْد: سَمِعْتُ سَرِيًّا يَقُولُ: أشتهي منذ ثلَاثين سنة جَزَرَة أَغْمِسُها فِي دِبْس وآكلها، فما تصحّ لي [4] .
وسمعت السّرِيّ يَقُولُ: أحبّ أن آكل أكلةً لَيْسَ للَّه عَليَّ فيها تَبِعَة، ولا لمخلوقٍ فيها مِنَّةٌ، فما أجد إلى ذَلِكَ سبيلَا [5] .
ودخلتُ عَلَيْهِ وهو يجود بنفسه، فقلت: أَوْصِني.
قَالَ: لَا تصحب الأشرار، ولا تُشْغلَنّ عَنِ اللَّه بمجالسة الأخيار [6] .
وقال الفرجاني: سمعتُ الْجُنَيْد يقول: ما رأيت أعبد الله من السّريّ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رُئيَ مُضْطَجِعًا إلَا فِي علّة الموت [7] .
وقال الْجُنَيْد: سَمِعْتُ السّرِيّ يَقُولُ: إنيّ لأنظر إلى أنفى كل يومٍ مرارًا مخافة أنْ يكون وجهي قد أسودّ [8] .
وسمعته يَقُولُ: ما أحبّ أن أموت حيث أُعْرَف. أخاف أن لا تقبلني الأرض فأفتضح [9] .
__________
[1] حلية الأولياء 10/ 12، تاريخ بغداد 9/ 187.
[2] تاريخ بغداد 9/ 188.
[3] تاريخ بغداد 9/ 188، صفة الصفوة 2/ 371.
[4] حلية الأولياء 10/ 116، تاريخ بغداد 9/ 190.
[5] حلية الأولياء 10/ 116، تاريخ بغداد 9/ 190، صفة الصفوة 2/ 377.
[6] حلية الأولياء 10/ 125، تاريخ بغداد 9/ 190، صفة الصفوة 2/ 385.
[7] صفة الصفوة 2/ 382.
[8] صفة الصفوة 83762.
[9] حلية الأولياء 10/ 116، صفة الصفوة 2/ 376.

الصفحة 151