كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 20)

قَالَ أَحْمَد بْن يحيى بْن زُهير السَّريّ: لمّا حدّث أبو الأزهر بهذا الحديث أُخْبِر يحيى بْن معين بِذَلِك، فقال: مَن هَذَا الكذاب النَّيْسابوريّ الَّذِي حدَّث بهذا؟
فقام أبو الأزهر فقال: هو ذا أَنَا.
فتبسَّم ابنُ معين وقَالَ: أما إنّك لست بكذّاب. وتعجّب من سلامته، وقَالَ: الذَّنْب لغيرك فِي هَذَا الحديث [1] .
قَالَ أبو حامد بْن الشَّرْقيّ، هَذَا حديث باطل، وكان لمعمر ابنُ أخٍ رافضيّ، وكان ابنُ مُعَمَّر [2] يمكِّنه من كُتُبه، فأدخل عليه هَذَا. وكان مُعَمَّر رجلًا مهيبًا، لا يقدر عليه أحد فِي السّؤال والمراجعة، فسمعه عَبْد الرّزّاق فِي كتابه [3] .
وقَالَ غير واحد، عن مكّيّ بْن عَبْدان: سمعت أَبَا الأزهر يقول: خرج عَبْد الرّزّاق إِلَى قريته، فبكَّرت إليه قبل الصُّبح، فَلَمَّا رآني قَالَ: كنت البارحة هنا؟ قلت: لا، ولكن خرجت فِي اللّيل.
فأعجبه ذلك. فَلَمَّا فرغ من صلاة الصُّبْح دعاني وقرأ عليّ هَذَا الحديث، وخصّني به دون أصحابي [4] .
وروى أبو محمد بْن الشَّرْقيّ، عن أبي الأزهر قَالَ: كان عَبْد الرّزّاق يخرج إِلَى قريته، فذهبت خلفه، فرآني أشتدّ، فقال: تعال. فأركبني خلفه على البغْل، ثُمَّ قَالَ لي: ألا أخبرك حديثًا غريبًا؟ قلت: بلى.
فَحَدَّثَنِي الحديث. فَلَمَّا رجعت إِلَى بغداد أنكر عليّ ابنُ مَعِين وهؤلاء، فحلفت أن لا أحدث به حتى أتصدق بدرهم.
وقد رواه محمد بْن عليّ بْن سُفْيَان النّجّار، عن عَبْد الرّزّاق.
قَالَ أبو حامد بْن الشّرْقيّ: قَيِل لي لِمَ لا ترحل إِلَى العراق؟ قلت: وما أصنع وعندنا من بنادرة [5] الحديث ثلاثة: محمد بن يحيى، وأبو الأزهر،
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 41، 42.
[2] في تاريخ بغداد: وكان معمر.
[3] تاريخ بغداد 4/ 42.
[4] تاريخ بغداد 4/ 42.
[5] بنادرة: مفردها بندار، وهو الحافظ في بلده. ووقع في: تاريخ بغداد: «نبادره» .

الصفحة 41