كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 21)

[الوقعة بين إسْمَاعِيل بن أَحْمَد وَمحمد بن هارون]
وفيها كانت وقعة بين جيش إسْمَاعِيل بن أَحْمَد، وبين محمد بن هارون على باب الرَّيِّ. وكان محمد في مائة ألف، فكانت الدائرة عليه، فانهزم إلى الدَّيلم في ألف رجل، فاستجار بهم [1] .
[صاحب إفريقية ينسلخ من الإمارة ويتصوف]
وفيها قَوِيَت أمور أبي عبد الله الشيعي بالمغرب، فصنع صاحب إفريقية صُنع محمد بن يَعْفُر ملك اليمن، فانسلخ من الإمارة، وأظهر توبةً، ولبس الصُّوف، وردّ المظالم، وخرج إلى الروم غازيًا. فقام بعده ابنه أبو العَبَّاس [2] .
وكان خروج إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد صاحب إفريقية [3] منها وركوبه البحر سنة تسعٍ وثمانين، فوصل إلى صقلية، ومنها إلى طَبَرْمين، فافتتحها، ثُمَّ حاصر كنيسة، فمرض بإسهال، ومات في ذي القِعْدَة. وكانت ولايته ثمانية وعشرين عاما ونصف [4] ، ودفن بصقلّية [5] .
__________
[1] انظر هذا الخبر في:
تاريخ الطبري 10/ 96، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 182، وتجارب الأمم 5/ 32، والكامل 7/ 522، والبداية والنهاية 11/ 95.
[2] هو الأمير إبراهيم بن محمد: كما في: العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 165، وهو: عَبْد الله بْن إبراهيم بْن أحمد أبو العباس، كما في: الحلّة السّيراء لابن الأبّار 1/ 174 الّذي وصفه بأنه «كان شجاعا بطلا ذا بصر بالحروب والتدبير، عاقلا أديبا عالما، له نظر في الجدل وعناية باللغة والآداب ... » . وذكره ابن عذاري بكنيته ولم يسمّه فقال: أبو العباس بن إبراهيم بن أحمد: «أظهر التقشّف، والجلوس على الأرض، وإنصاف المظلوم، وجالس أهل العلم، وشاورهم، وكان لا يركب إلّا إلى الجامع» . (البيان المغرب 1/ 133) ، وانظر: المؤنس في أخبار أهل الأندلس- ص 52، ونهاية الأرب للنويري 24/ 135، وتاريخ ابن خلدون 4/ 436، وتاريخ تونس لحسين بن محمد بن وادران- نشر في تونس سنة 1847 (نقلا عن المكتبة العربية الصقلّية- ص 544) ، والكامل لابن الأثير 7/ 520، 521.
[3] هو إبراهيم بن أبي إبراهيم أحمد بن أبي عبد الله بن أبي عقال الأغلب، الّذي سمّي بالفاسق، لكثرة ما ارتكب من العدوان وسفك الدماء ما لم يرتكبه أحد قبله، كما قال ابن الأبار في: الحلّة السيراء 1/ 171، 172.
[4] قال ابن الأبّار إنه «ملك تسعا وعشرين سنة إلا خمسة أشهر وثمانية عشر يوما» . وذلك من شهر جمادى الأولى سنة 261 إلى أن ولّى عهده لابنه عبد الله أبي العباس وصيّر إليه خاتمه ووزارته، وكتب بذلك كتابا تاريخه يوم الجمعة لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين ومائتين.
وهلك في ذي القعدة من هذه السنة. (الحلّة السّيراء 1/ 171- 174) .
[5] راجع في نهاية الأرب للنويري 24/ 135 وما بعدها سبب اعتزاله الحكم وتصوّفه وخروجه إلى

الصفحة 39