كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 21)
[اشتهار أمر أبي عبد الله الشيعي]
واشتهر أمر أبي [1] عبد الله بأرض كُتامة، وسُمي «المشرقي» لقُدُومه من الشرق.
وكان إِذَا بايعه الواحد قِيلَ: تشرَّق، وتسارع المغاربة إليه. وَلَمَّا استفاضت دعوة المهدي كثُر الطلب عليه من العراق والشّام، فسار متنكّرا من سلمية، ثُمَّ إلى الرملة، ثُمَّ مصر، ومعه ولده محمد صبي، وأبو العَبَّاس أخو الداعي أبي [1] عبد الله بزي التُّجار. فتوصلوا إلى طرابلُس الغرب. فَلَمَّا وصل المهدي إلى طرابلُس الغرب قدم أبو [2] العَبَّاس أخو [2] الداعي إلى القَيْرُوَان فوصلها، وقد جاءت المكاتبات من مصر بالإنذار وصفته والتوكيد في طلبه، فعُني زيادةُ الله بطلبه، وتقصّى أخباره، فوقع بأبي العَبَّاس، فقرّره فلم يعترف، فحبسه برقّادة.
وكتب إلى طرابلُس في طلب المهدي، وكان قد خرج منها قاصدًا أبا عبد الله داعيته، وفات أمره.
ثُمَّ علِم في طريقه بحبْس رفيقه، فعدل إلى سِجِلْماسة [3] ، وأقام بها يتَّجر، فبلغ زيادة الله أَنَّهُ بسِجِلْماسة، فقبض متوليها على المهدي وابنه. ثُمَّ وقعت الحرب بين زيادة الله وبين أبي عبد الله الداعي، فهزمه أبو عبد الله مرات، وهرب من الجيش أبو العَبَّاس، ثُمَّ مُسك. ثُمَّ سار زيادة الله منهزمًا إلى مصر، ولحق أبو العَبَّاس بأخيه. ثُمَّ سارا في جيشٍ كثيفٍ وطلبا سِجِلْماسة، فخرج اليَسَع متوليها للقتال، فهزمه أبو عبد الله سنة ستّ وتسعين، كما سيجيء [4] .
__________
[ () ] غزو الروم. وانظر: العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 165- 167، وتاريخ ابن خلدون 4/ 436، 437، والمؤنس 50، والمختصر في أخبار البشر 2/ 50، وتاريخ ابن الوردي 1/ 237، وفيه دفن بالقيروان، والبيان المغرب 1/ 178، والمكتبة العربية الصقلّية 452.
[1] في الأصل: «أبو» .
[2] في الأصل: «أبا» و «أخا» .
[3] سجلماسة: بكسر أوله وثانيه وسكون اللام. مدينة في جنوب المغرب في طرف بلاد السودان.
[4] انظر الخبر، باختصار، في:
نهاية الأرب 24/ 146، والعبر 2/ 85 (حوادث سنة 290 هـ) ، ودول الإسلام 1/ 175، ومرآة الجنان 2/ 218.
الصفحة 40
454