كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 26)

ومات الخادم كافور صاحب مصر ورُدَّ أمرُها إلى الملك أبي الفوارس حسين بن علي بن طُغج الإخشيدي، فوقع الخُلْفُ بين الكافورية وبينه، وتحاربوا وعظم البلاء وقُتل بينهم خلق، ثم هزمت الإخشيديةُ الكافوريةَ وطردوهم عن مصر، فصاروا إلى الرملة وفيهم ابن محمد بن رائق، وأبو منخل، وفنّك، وفاتك الهندي، فقدموا على صاحب الرملة الحسن بن عبد الله بن طُغج، فلم يُقْبِل عليهم وقال: لا أحارب برغمتي، ثم ضاق بنفقاتهم، فتوجّهوا إلى دمشق ومتولّيها فاتك الإخشيدي، فتمّ بينهم قتال وبلاء.
وفي ذي القِعدة أقبل عظيم الروم نقفور بجيوشه إلى الشام، فخرج من الدَّرب ونازل أنطاكية، فلم يلتفتوا عليه، فهدّدهم وقال: أرحل وأَخرّب الشام كلّه وأعود إليكم من الساحل. ورحل في اليوم الثالث ونازل مَعَرَّة مَصْرِين [1] ، فأخذها وغدر بهم، وأسر منها أربعة آلاف ومائتي نسمة.
ثم نزل على مَعَرَّة النُّعمان [2] فأحرق جامعها، وكان الناس قد هربوا في كلّ وجهٍ إلى الحصون والبراري والجبال المنيعة.
ثم سار إلى كَفَرْ طاب [3] ، وشَيْزَر، ثم إلى حماة وحمص، فخرج من تبقّى فيها، فأمّنهم ودخلها، فصلّى في البيعة، وأخذ منها رأس يحيى بن زكريا، وأحرق الجامع.
ثم سار إلى عرقة [4] فافتتحها.
__________
[1] معرّة مصرين: بفتح أوّله وسكون ثانيه، وكسر الراء. بليدة وكورة بنواحي حلب ومن أعمالها.
(معجم البلدان 5/ 155) .
[2] معرّة النّعمان: مدينة كبيرة قديمة مشهورة من أعمال حمص بين حلب وحماة. تنسب إلى النعمان بن بشير الصحابي رضي الله عنه. (معجم البلدان 5/ 156) .
[3] كفرطاب: بالطاء المهملة. بلدة بين المعرّة ومدينة حلب في برّيّة. (معجم البلدان 4/ 470) .
[4] عرقة: بكسر أوّله وسكون ثانيه، بلدة في شرقي طرابلس. وهي آخر عمل دمشق، في سفح

الصفحة 32