كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 26)

السنة، فاطَلع الملك عزّ الدولة بختيار ابن معزّ الدولة على ذلك، وكان قد ادّعى أنّ والده نصّبه للخلافة من بعده، فصحبه من أهل بغداد خلق كثير من رؤسائها وأعيانها وبايعوه سرًا، منهم أبو القاسم إسماعيل بن محمد المعروف بزنجي، وترتب له وزيرًا، فقبض عليه عزّ الدولة ثم جدع أنفه وقطع شفته العليا وشحمتي أُذُنيه، وسُجن بدار الخلافة، وكان معه أخوه علي وانّهما هربا من الدار في يوم عيد، واختلطا [1] بالنّاس، ومضيا إلى ما وراء النهر [2] .
وروي المتنبي من شعره، وله شعر وأدب، ومات بخراسان خاملًا.
ووصل ملك الروم- لعنهم الله- إلى حمص وملكوها بالأمان، وخافهم صاحب حلب أبو المعالي بن سيف الدولة، فتأخّر عن حلب إلى بالس [3] وأقام بها الأمير قرغُوَيْه [4] ، ثم ذهب أبو المعالي إلى ميّافارقين لما تفرّق عنه جنده، وصاروا إلى ابن عمّه صاحب الموصل أبي تغلب، فبالغ في إكرامهم، ثم ورد أبو المعالي إلى حلب فلم يُمكَّن من دخولها واستضعفوه، وتشاغل بحبّ جارية، فردّ إلى سَرُوج فلم يفتحوها له، ثم إلى حَرّان فلم يفتحوا له أيضًا، واستنصر بابن عمّه أبي تغلب، فكتب إليه يعرض عليه المقام بنصيبين، ثم صار إلى ميّافارقين في ثلاثمائة فارس وقلّ ما بيده.
ووافت الروم إلى ناحية ميّافارقين وأَرزن يعبثون ويقتلون، وأقاموا ببلد الأسلام خمسة عشر يومًا ورجعوا بما لا يُحصى.
وكان الحجّ في هذا العام صعبًا إلى الغاية لِما لَحِقهم من العطش والقتْل، مات من حجّاج خراسان فوق الخمسة آلاف، وقيل بل ثلاثة آلاف
__________
[1] في الأصل «واختلط» .
[2] انظر: تجارب الأمم 2/ 248 و 249، ابن الأثير 8/ 584.
[3] بالس: بلدة بالشام بين حلب والرّقّة. (معجم البلدان 1/ 328) .
[4] في الأصل: «الأمر فرعونه» .

الصفحة 40