كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 29)

والعامّة. وكان عنده المرتضى، والزَّيْنبيّ، والماوَرْديّ، فاستشارهم في العبور إلى الكرْخ كما فعل تلك المرَّة، فقالوا: ليس الأمر كما كان، وأحداث الموضع قد ذهبوا. وحوّل الغلمان خيامهم إلى حول الدّار وأحاطوا بها.
وبات النّاس على أصعب خطّة، فخرج الملك في نصف اللّيل إلى زُقاق غامض، فنزل إلى دجلة، وركب سُمَيْريّة فيها بعض حاشيته، ومضى إلى دار المرتضى، وبعث حُرَمه إلى دار الخلافة. ونَهب الأجناد دار الملك حتّى الأبواب وساجَها. وراسلوا الخليفة أن تُقطع خطبة. جلال الدّولة، فقيل لهم: سننظر.
وخرج الملك إلى أَوَانا [1] ، ثمّ إلى كرْخ سامرّاء. ثمّ خرجوا إليه واعتذروا، ومشي الحال [2] .
[الظُّلمة ببغداد]
وفي جُمَادى الآخرة وردت ظُلْمة طبّقت البلد، حتّى كان الرجل لا يرى صاحبه، وأخذت بالأنفاس حتّى لو تأخَّّر انكشافها لهلكوا [3] .
[انقضاض كوكب]
وفي رجب ضَحْوَة نهارٍ انقضّ كوكبٌ غلب ضوؤه ضوء الشّمس، وشوهد في آخره شيء مثل التِّنين بلون الدُّخان. وبقي نحو ساعةٍ [4] . فسبحان الله العظيم ما أكثر البلاء بالمشرق.
__________
[1] أوانا: بالفتح، والنون. بليدة كثيرة البساتين والشجر، نزهة. من نواحي دجيل بغداد، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت، وكثيرا ما يذكرها الشعراء الخلعاء في أشعارهم.
(معجم البلدان 1/ 274) .
[2] المنتظم 8/ 9 (15/ 254) ، الكامل في التاريخ 9/ 446، العبر 3/ 161، مرآة الجنان 3/ 45، تاريخ ابن خلدون 3/ 448.
[3] المنتظم 8/ 9 (15/ 254) ، الكامل في التاريخ 9/ 451، تاريخ الخميس 2/ 399.
[4] المنتظم 8/ 90 (15/ 255) ، الكامل في التاريخ 9/ 451، تاريخ الخميس 2/ 399.

الصفحة 37