كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 29)

وصَحِب أبا عمر الإشبيليّ وتفقّه به.
وأخذ أيضًا عن: أبي محمد الأصيليّ.
وكان من أهل العلم والتّفنّن والذّكاء. ولّاه عليّ بن محمود القضاء في صدر سنة سبع وأربعمائة، فسار بأحسن سيرة. فلمّا توفّى عليّ وولي الخلافة أخوه القاسم أقرّه أيضا على القضاء، مضافا إلى الخطابة إلى سنة تسع عشرة، فعزله المعتمد بسعايات ومطالبات [1] .
روى عنه: أبو عبد الله بن عتّاب، وقال: كان لا يفتح على نفسِهِ بابَ رواية ولا مدارسة [2] . وصَحِبته عشرين سنة. وذهَب في أوّل أمره إلى التّكلُّم على «الموطّأ» ، وقراءته في أربعة أَنْفُس [3] . فلمّا عُرِف ذلك أتاه جماعة ليسمعوا فامتنع. وكنّا نجتمع عنده مع شيوخ الفتوى، فيشاوَر في المسألة، فيخالفونه [4] فيها، فلا يزال يُحاجّهم ويستظهر عليهم بالرّوايات والكُتُب حتّى ينصرفوا ويقولوا بقوله [5] .
قال ابن بَشْكُوال [6] : سمعت أبا محمد بن عتّاب: نا أبي مِرارًا قال: كنت أرى القاضي ابن بِشر في المنام [7] في هيئته [8] وهو مقبل من داره، فأسلّم عليه، وأدري أنه ميت، وأسأله عن حاله وعمّا صار إليه، فكان يقول لي: إلى خير ويُسْر بعد شدّة [9] .
فكنت أقول له: وما تذكر من فضل العلم؟
فكان يقول لي: ليس هذا العلم، ليس هذا العلم. يشير إلى علم الرّأي،
__________
[1] الصلة 2/ 326، 327.
[2] وزاد: «لا قبل القضاء ولا بعده» . (الصلة) .
[3] العبارة في (الصلة) : «وقرأته في أربعة نفر أنا أحدهم» .
[4] في (الصلة) : «فيختلفون» .
[5] الصلة 2/ 327.
[6] في (الصلة 2/ 327) .
[7] زاد بعدها: «بعد موته» .
[8] زاد بعدها: «التي كنت أعهده فيها» .
[9] في (الصلة 2/ 327) : «إلى خير. ويشير بيده بعد شدّة» ، والعبارة مضطربة، والمثبت أعلاه هو الأقرب.

الصفحة 83