كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 31)

الْإِمَام أبو القاسم القُشَيْريّ [1] النَّيْسابوري.
الزاهد الصُّوفيّ، شيخ خُراسان وأستاذ الجماعة، ومقدَّم الطّائفة.
تُوُفّي أَبُوهُ وهو طفل، فوقع إِلَى أَبِي القاسم اليماني الأديب، فقرأ الأدب والعربية عليه. وكانت له ضَيْعة مُثْقَلَة الخراج بناحية أُسْتُوا [2] ، فرأوا من الرأي أن يتعلم طَرَفًا من «الاستيفاء» ، ويشرع في بعض الأعمال بعد ما أُوِنس رُشْدُه فِي العربية، لعله يصون قريته، ويدفع عَنْهَا ما يتوجه عليها من مطالبات الدولة.
فدخل نيسابور من قريته على هَذِهِ العزيمة، فاتفق حضوره مجلس الأستاذ أَبِي علي الدقاق، وكان واعظ وقته، فاستحلى كلامه، فوقع في شبكة الدّقّاق، ونسخَ ما عزم عليه. طلب القباء، فوجد العباء، وسلك الطريق الإرادة، فقبله الدّقّاق وأقبل عليه، وأشار إليه بتعلُّم العِلم، فمضى إِلَى درس الفقيه أَبِي بَكْر الطُّوسي، فلازمه حَتَّى فرغ من التعليق، ثُمَّ اختلف إِلَى الأستاذ أَبِي بَكْر بْن فُورَك الأُصُوليّ، فأخذ عَنْهُ الكلام والنَّظَر، حَتَّى بلغ فِيهِ الغاية. ثُمَّ اختلف إِلَى أَبِي إِسْحَاق الإسْفَرائيني [3] ، ونظر فِي تواليف ابن الباقِلّانيّ.
ثُمَّ زوجه أبو علي الدّقَاق بابنته فاطمة. فَلَمَّا تُوُفِّي أبو عليّ عاشَ أَبَا عَبْد
__________
[ (- 111،) ] وروضات الجنات 444، وهدية العارفين 607، 608، وديوان الإسلام 4/ 34، 35 رقم 1703، وإيضاح المكنون 1/ 194، والرسالة المستطرفة 166، والأعلام 4/ 57، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 432 و 2/ 117، وملحقه 1/ 771، ومعجم المؤلفين 6/ 6، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 251 رقم 302.
وانظر مقدّمة كتابه «الرسالة القشيرية» للدكتور المرحوم عبد الحليم محمود، ومحمود بن الشريف.
[1] القشيريّ: بضم القاف وفتح الشين وسكون الياء وفي آخرها راء. نسبة إلى قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
[2] أستوا: بضم أوله وسكون السين المهملة، وضم التاء المثناة وواو وألف. ناحية من نيسابور كثيرة القرى.
[3] زاد ابن عساكر: وقعد يسمع جميع دروسه، وأتى عليه أيام فقال له الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع، وما توهّم فيه ضبط ما يسمع، فأعاد عنده ما سمعه منه وقرّره أحسن تقرير من غير إخلال بشيء، فتعجّب منه وعرف محلّه وأكرمه، وقال: ما كنت أدري أنك بلغت هذا المحلّ فلست تحتاج إلى درسي، بل يكفيك أن تطالع مصنّفاتي وتنظر في طريقي، وإن أشكل عليك شيء طالعتني به، ففعل ذلك، وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك» . (تبيين كذب المفتري 273) (وفيات الأعيان 3/ 206) .

الصفحة 171