كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 31)

وخرج من دمشق إِلَى صور، فأقام بصور [1] ، وكان يزور البيت المقدس ويعود إِلَى صور، إلى سنة اثنتين وستّين وأربعمائة، فتوجه إِلَى طرَابُلس [2] ، ثُمَّ إِلَى حلب، ثُمَّ إِلَى بغداد على الرَّحْبة، ودخل بغداد فِي ذي الحجّة [3] .
وحدَّث فِي طريقه بحلب، وغيرها.
سمعتُ الخطيب مَسْعُود بْن مُحَمَّد بمرْو: سمعتُ الفضل بْن عُمَر النَّسَويّ يقول: كنتُ بجامع صور عند أَبِي بَكْر الخطيب، فدخل عليه علويّ وفي كمّه
__________
[1] يفهم من هذا أن الخطيب دخل صور سنة 457 هـ-. ولكنّه دخلها قبل ذلك سنة 446 هـ-. في طريقه إلى الحج، أو عند رجوعه. فقد ذكر في ترجمة أبي الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزّال البغدادي المتوفى سنة 447 هـ-. أنه انتقل عن بغداد إلى الشام فسكن بالساحل من مدينة صور وبها لقيته وسمعت منه عند رجوعي من الحج وذلك في سنة 446 هـ-.
(تاريخ بغداد 11/ 34، تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 21/ 543، الأنساب 408 ب) .
[2] يفهم من هذا أنه دخل طرابلس مرة واحدة، وذلك سنة 462 هـ-. والصحيح أنه دخلها مرتين.
أولاهما بحدود سنة 446 أو 447 هـ-. عند عودته من الحج، ويؤكد ذلك ما ذكره «الكراجكي» في رحلته من أن الخطيب كانت له مناظرة في الخطابة مع القاضي الحسين بن بشر صاحب دار العلم بطرابلس. والمعروف أن الكراجكي توفي سنة 449 هـ-. وهذا يعني أن الخطيب تناظر في طرابلس قبل تلك السنة، حيث شهد الكراجكي المناظرة ودوّنها في رحلته، ونقلها عنه «ابن أبي طيِّئ» ، ثم نقل «ابن حجر» هذا الخير نقلا عنه وذكره في (لسان الميزان 2/ 275) قال:
«الحسين بن بشر بن علي بن بشر الطرابلسي المعروف بالقاضي. ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة، وقال: كان صاحب دار العلم بطرابلس وله خطب يضاهي بها خطب ابن نباتة، وله مناظرة مع الخطيب البغدادي ذكرها الكراجكي في رحلته، وقال: حكم له على الخطيب بالتقدّم في العلم» .
ويقول خادم العلم وطالبه محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : إنّ هذه المعلومة تؤكّد أن «دار العلم بطرابلس» كانت موجودة قبل سنة 449 هـ-. على الأقلّ، مما يسقط القول من أن جلال الملك أبا الحسن علي بن محمد بن عمّار أسّس دار العلم بطرابلس سنة 472 هـ-. بل هو جدّد بناءها في تلك السنة، إذ هي أقدم من ذلك.
انظر معالجتي لهذا الموضوع في كتابي: «دار العلم بطرابلس في القرن الخامس الهجريّ» - صدر عن دار الإنشاء بطرابلس 1982، والبحث الّذي نشرته في مجلّة الرسالة الإسلامية ببغداد، العدد المزدوج 76 و 77 لسنة 1974 ص 60- 67 بعنوان «الخطيب البغدادي المؤرّخ في طرابلس الشام» ، والبحث الّذي نشرته في مجلّة «المجلّة العربية» بالرياض، العدد 1، كانون الأول 1978 ص 94- 96 بعنوان «مع الخطيب البغدادي في رحلته إلى بلاد الشام» .
[3] تاريخ دمشق 7/ 30، المنتظم 8/ 265 (16/ 129، 130) ، معجم الأدباء 4/ 18، الوافي بالوفيات 7/ 194.

الصفحة 93