إحدى وخمسين، وقصد صور، وبها «عز الدولة» [1] الموصوف بالكرم، وتقرب منه، فانتفع به، وأعطاه مالًا كثيرًا. انتهى إليه الحِفْظ والإتقان والقيام بعلوم الحديث [2] .
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ [3] : سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بن محمد يحكي، عن أبي الفضل ابن خَيْرُونٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْخَطِيبَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ شَرِبَ مِنْ مَاءِ زمزم ثلاث شربات، وسأل الله تعالى ثلاث حَاجَاتٍ، أَخْذًا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» [4] . فَالْحَاجَةُ الْأُولَى أَنْ يُحَدِّثَ «بتاريخ بغداد» ببغداد، والثانية أن يُملي الحديث بجامع المنصور، والثالثة أن يُدفن عند بِشْر الحافي، فقضى اللَّه الحاجات الثلاث له [5] .
وقال غَيْث الأرمنازي: ثنا أَبُو الفَرَجِ الإسْفَرَائيني قال: كان الخطيب معنا فِي الحج، فكان يختم كل يوم ختمة إِلَى قرب الغياب قراءة ترتيل. ثُمَّ يجتمع عليه الناس وهو راكب يقولون: حَدَّثَنَا. فيُحدِّثهم. أو كما قال [6] .
__________
[1] هكذا هنا، والتقييد لابن نقطة 154، وتذكرة الحفاظ، وسير أعلام النبلاء، وهو: «محمد أبو الحسن» تولّى قضاء صور سنة 450 واستقلّ بها سنة 455 ومات بها سنة 465 هـ-. (انظر كتابي: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ عبر العصور- الطبعة الثانية- مؤسسة الرسالة ببيروت، ودار الإيمان بطرابلس 1404 هـ-. / 1984 م. - ص 350، ودراستي في مجلّة «تاريخ العرب والعالم» بيروت العدد 16 سنة 1980 بعنوان «أسرة بني أبي عقيل في مدينة صور» ص 9- 18) ووقع في (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 18/ 45) : «يمين الدولة» . وهو من أسرة بني أبي عقيل السّنية التي كانت تحكم مدينة صور لفترة من العهد الفاطمي، وكان أفراد الأسرة في معظمهم من القضاة والمحدّثين والأدباء الفضلاء.
أما ابن الفوطي فيجعل «عين الدولة» : «عَبْدِ الله بن علي بن عِياض بن أحمد بن أيوب أبو محمد ابن أبي عقيل» ويصفه بأنه صاحب الساحل، وكذلك يذكره غيث الأرمنازي في (تاريخ صور) ويصفه بالسخاء والمروءة، وكذا ابن تغري بردي، ولكنهم يؤرّخون وفاته بسنة 450 هـ-.
(معجم الألقاب ج 4 ق 2/ 1127، النجوم الزاهرة 5/ 63) والرواية تتحدّث عن دخول الخطيب إلى صور سنة 451 هـ-. أي بعد وفاة «عين الدولة عبد الله بن علي» ، وكان بها ابنه «محمد» ، فهو «عز الدولة» .
[2] التقييد 154، تذكرة الحفاظ 3/ 1139، سير أعلام النبلاء 18/ 278، 279.
[3] في تاريخ دمشق 7/ 24، 25.
[4] رواه أحمد في المسند 3/ 357.
[5] في تاريخ دمشق زيادة، سوف تأتي لاحقا في سياق الترجمة.
[6] تبيين كذب المفتري 268، تاريخ دمشق 7/ 26، تذكرة الحفاظ 3/ 1139، سير أعلام النبلاء