إمام الحَرَمَيْن أبو المعالي ابن الإمام أبي محمد الْجُوَيْنيّ [1] ، الفقيه الملقَّب ضياء الدّين. رئيس الشّافعيّة بَنْيسابور.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: [2] كان إمام الأئّمة على الإطلاق، المُجْتَمع على إمامته شرقًا وغربًا، لم تَرَ العيون مثله.
وُلِد سنة تسع عشرة وأربعمائة [3] في المحرَّم وتفقّه على والده، فأتى على جميع مصنفاته، وتُوُفّي أبوه وله عشرون سنة، فأُقعِد مكانه للتّدريس، فكان يدرّس ويخرج إلى مدرسة البَيْهقيّ.
وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسفرائينيّ الإسكاف. وكان ينفق من ميراثه وممّا يَدْخله من معلومه، إلى أن ظهر التعصُّب بين الفريقين، واضطّربت الأحوال، واضطّر إلى السفر عن نَيْسابور، فذهب إلى المعسكر، ثمّ إلى بغداد.
وصحب أبا نصْر الكُنْدُريّ [4] الوزير مدّةً يطوف معه، ويلتقي في حضرته بالأكابر من العلماء، ويُناظرهم، ويحتكّ بهم، حتّى تهذَّب في النَّظَر وشاع ذكْرُه. ثمّ خرج إلى الحجاز، وجاور بمكّة أربع سنين، يدرّس ويُفتي، ويجمع طُرُق المذهب، إلى أن رجع إلى بلده بَنيْسابور بعد مُضِي نوبة التّعصب [5] فأقعد
__________
[ () ] والفوائد البهية 246، وروضات الجنات 463، 464، وإيضاح المكنون 1/ 288، وهداية العارفين 1/ 626، والأعلام 4/ 160، ودائرة المعارف الإسلامية 7/ 179، 7180 وديوان الإسلام 1/ 47، 48 رقم 50، وفهرست المكتبة الخديوية 5/ 95، وفهرست المخطوطات المصورة بدار الكتب المصرية 1/ 320- 324، ومعجم المؤلفين 6/ 184، 185.
وللدكتورة فوقية حسين محمود دراسة بعنوان «الجويني إمام الحرمين» نشرت في سلسلة (أعلام العرب) بمصر سنة 1965 رقم (40) .
[1] الجويني: بضم الجيم، وفتح الواو، وسكون الياء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى جوين، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة يقال لها كويان، فعربت فقيل: جوين. (الأنساب 3/ 385) .
[2] قوله ليس في (الأنساب) ففيه يقول: «إمام وقته ومن تغني شهرته عن ذكره، بارك الله تعالى في تلامذته حتى صاروا أئمة الدنيا مثل: الخوافي، والغزالي، والكيا الهراسي، والحاكم عمر النوقاني، رحمهم الله» . (الأنساب 3/ 386) .
[3] جاء في (المنتظم) و (الكامل في التاريخ) و (تاريخ الخميس) : سنة سبع عشرة.
[4] هو عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور بن محمد الكندري الجراحي وزير طغرلبك. قتل سنة 456 هـ. وقد تقدّمت ترجمته في الطبقة السادسة والأربعين.
[5] راجع أخبار هذه الفتنة في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 389 وما بعدها، و 4/ 109.